أمّا القول الثّالث (التّخيير الشّرعيّ) ، فلو اريد بالتّخيير الشّرعيّ ، هو التّخيير في المسألة الفرعيّة وهو الأخذ بالفعل أو التّرك في مقام العمل ، لكان أمرا غير معقول ، لحصول التّخيير تكوينا ، فيلزم تحصيل الحاصل ؛ ولو اريد به هو التّخيير في المسألة الاصوليّة وهو الأخذ بأحد الحكمين في مقام الإفتاء ، كالأخذ بأحد الخبرين المتعارضين في ذلك المقام ، لكان بلا دليل ، إذ لا أثر من الخبرين هنا حتّى يحكم بالتّخيير الاصوليّ.
أمّا القول الرّابع (الإباحة شرعا والتّخيير عقلا) ، فلا دليل عليه ، بل الدّليل على خلافه ، كما ستعرف ممّا أفاده المحقّق النّائيني قدسسره.
أمّا القول الخامس (التّخيير التّكوينيّ مع عدم حكم ظاهريّ أصلا) ، فغاية ما يقال في وجهه : هو ما أفاده المحقّق النّائيني قدسسره من عدم إمكان جعل الوظيفة الظّاهريّة بلا فرق بين الشّرعيّة والعقليّة ، كالتّخيير الشّرعيّ والعقليّ والإباحة والبراءة الشّرعيّة والعقليّة واستصحاب عدم الوجوب والحرمة.
فقال قدسسره ، ما حاصله : أمّا التّخيير الشّرعيّ ، فلأنّ الحكم الظّاهريّ لا بدّ له من أثر شرعيّ ، وإلّا لكان جعله لغوا ، والمفروض عدم ترتّب الأثر على جعل التّخيير الشّرعيّ في المقام ، لا الواقعيّ ، ولا الظّاهريّ ؛ وذلك لحصول التّخيير بنفسه تكوينا بين فعل شيء وتركه ، فلا يمكن جعل ما هو حاصل بنفسه ولو ظاهريّا.
وأمّا التّخيير العقليّ ، فلاختصاصه بما إذا كان في طرفي التّخيير ملاك يلزم استيفائه ولم يتمكّن المكلّف من الجمع بين الطّرفين ، كالتّخيير الّذي يحكم به في باب التّزاحم ، والمقام ليس كذلك ، لعدم ثبوت الملاك في كلّ من طرفي الفعل والتّرك.