العربي باطلا عنده ، نتمسّك بإطلاق قوله تعالى : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(١) صونا لكلام الحكيم عن اللغويّة ، إذ في مثل هذا الفرض لو لم يكن إمضاء ذي الآلة إمضاء لكلّ ما يكون آلة له عرفا ، يكون إمضاء ذي الآلة لغوا محضا.
والتحقيق أن يقال : إنّ ما نجد من أنفسنا إنّما هي أمور ثلاثة :
الأوّل : اعتبار البائع كون ماله ملكا لآخر ، وهذا فعل مباشري نفساني قائم بنفس المعتبر.
الثاني : إبراز ذلك الاعتبار النفسانيّ بمبرز ما من لفظ أو فعل.
الثالث : إمضاء العقلاء أو الشرع لذلك الاعتبار المبرز.
ولا ريب في أنّ إمضاء الشرع لا دخل له في مفهوم البيع ، ضرورة ثبوت هذه المعاملات قبل الشرع والشريعة وعند من لا يتديّن بدين أصلا.
مضافا إلى عدم معقولية أخذه في مفهومة ، للزوم أخذ الحكم في موضوعه في قوله تعالى : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) ، فإنّ مفاده حينئذ يكون كذا : أحلّ الله وأمضى البيع الحلال والممضى.
وهكذا لا دخل لإمضاء العقلاء في مفهوم البيع بل إمضاؤهم متعلّق بما هو بيع عندهم تارة وغير متعلّق أخرى ، حيث إنّهم في محاكمهم لا يمضون بيع من ليس أهلا للبيع ، كالمجنون والساهي والغافل وغير المالك.
__________________
(١) البقرة : ٢٧٥.