وواضح أيضا أنّ مجرّد الاعتبار النفسانيّ ما لم يبرز بمبرز ، لا يكون بيعا أيضا ، فالذي هو موافق للوجدان هو أنّ البيع اسم للاعتبار النفسانيّ المبرز بمبرز ما من لفظ أو فعل.
إذا عرفت ذلك ، فنقول : إذا كان البيع موضوعا للصحيح ، أي : ما يكون موردا لإمضاء العقلاء ، وشككنا في صحّة معاملة سارية بين العقلاء ، ممضاة عندهم ، كالمعاطاة ، وأنّها هل هي ممضاة عند الشارع أيضا أو لا؟ نتمسّك بإطلاق قوله تعالى : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(١) وندفع اعتبار قيد اللفظيّة بالإطلاق ، فإنّ الشارع حكم بالإطلاق بحلّية كلّ ما يكون بيعا عند العرف والعقلاء ، وسوق العقلاء مملوءة من البيع المعاطاتي.
هذا على تقدير أخذ إمضاء العقلاء في مفهوم البيع ، أعني وضعه للصحيح ، وأمّا على تقدير وضعه للأعمّ ممّا هو ممضى عند العقلاء وما ليس كذلك فهو ـ أي التمسّك بالإطلاق ـ أوضح.
نعم لو شككنا في معاملة أنّها بيع عند العقلاء أو لا ، لا يمكن التمسّك بالإطلاق على الصحيح دون الأعمّ.
وهذه ثمرة مفيدة في المعاملات المستحدثة التي لا يعلم كونها موردا لإمضاء العقلاء ، فإنّه يتمسّك بإطلاق (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) ويحكم بصحّتها شرعا على تقدير عدم وضع لفظ البيع لخصوص الصحيح العقلائي ، ولا يمكن التمسّك به على القول بوضعه
__________________
(١) البقرة : ٢٧٥.