الدالّة على استحبابه وعدم المشقّة في الطلب الندبي ، إذ اختيار الفعل والترك بيد المكلّف ـ تدلّ على أنّ الأمر في الرواية يكون إلزاميا ، والمعنى : «لأمرتهم إلزاما» وهذا واضح جدّاً.
والاستدلال بمفهوم الرواية الثانية أيضا كذلك تقريرا وجوابا.
ثم إنّ صحّة الاحتجاج على العبد لا تدلّ على وضعه للطلب الوجوبيّ ، بل يصحّ الاحتجاج إذا كان لفظ الأمر ظاهرا في الوجوب ، كما يصحّ إذا كان حقيقة فيه. فدعوى أنّ لفظ الأمر حقيقة في الطلب الإلزاميّ عهدتها على مدّعيها.
وظهر أنّ شيئا من التبادر والآية والروايتين لا يكون مؤيّدا فضلا عن أن يكون دليلا ، فتأمّل جيّدا.
المقام الثاني : في أنّ لفظ الأمر ظاهر في الوجوب أم لا؟ فنقول : معنى الأمر ـ كما عرفت ـ ليس إلّا إظهار الإرادة والميل وإبراز الشوق الصادر من العالي بعنوان المولوية ، وإنّما الوجوب والاستحباب أمران خارجيان لا ربط لهما بمدلول الأمر ، بل ينتزعان عن إلزامية المصلحة وعدمها ، فهناك معنى واحد واستعمال فارد ، وهو إظهار الميل ، ولا يفهم من لفظ الأمر إلّا هذا في جميع الاستعمالات ، والإلزام ربما يكون ، وربما لا يكون ، وليس إلّا ناشئا من مصلحة إلزامية داعية للأمر ، فهو أجنبي عن مدلول لفظ الأمر ، لكن مقتضى رسوم العبودية بحكم العقل هو الإطاعة والامتثال إلّا إذا ثبت الترخيص من المولى ، فمفاد «أمر