رسول الله بكذا» أو «افعل كذا» أو «آمرك بكذا» وأمثال ذلك ليس إلّا إظهار الميل بالفعل ، لكن بضميمة حكم العقل بأنّ كلّ أمر صدر من المولى تجب إطاعته إلّا أن يرخّص في الترك ، وهذه القضية الكلّية هي كبرى قياس صغراه : «هذا أمر لم يثبت الترخيص فيه» ونتيجته هو وجوب امتثال هذا الأمر وإطاعته وعدم قبح العقاب على مخالفته حيث ليس للعبد الاعتذار عند مؤاخذة المولى بقوله : «لم خالفتني إذ أمرتك».
فاتّضح أنّ الوجوب لا يستفاد من الأمر ، بل هو مستفاد من مقدّمة خارجية عقلية ، والتعبير بأنّ الأمر دالّ على الوجوب أو ظاهر فيه تعبير مسامحي (١).
__________________
(١) أقول : يمكن أن يقال : إنّ حكم العقل هذا ناش من كون الأمر ظاهرا في الوجوب ، فعليه كون الأمر ظاهرا في الوجوب متقدّم على حكم العقل بلزوم الامتثال ، وحكمه هذا معلول له ، وهذا هو مراد القائل بكونه ظاهرا في الوجوب ، فثبت أنّ الأمر بمادّته ظاهر في الوجوب ، ونستكشفه من حكم العقل هذا.
وبعبارة أخرى : إنّ الإهمال في الواقعيّات مستحيل ، فإنّ إظهار الميل بالفعل أمره دائر بين أمور أربعة :
فإن كان معناه الإلزام وحكم العقل بلزوم الامتثال مبتن عليه ، فهذا خلاف المدّعى بمعنى أنّ الوجوب ليس أمرا عقليّا بل مستفاد من اللفظ.
وإن كان معناه الاستحباب أو الجامع بين اللزوم والاستحباب أو كان مجملا ، فليس للعقل حكم بلزوم الامتثال.
ويشهد عليه أو ينتقض عليهم : أنّ العلماء من الأصوليّين والأخباريّين ـ حتى القائل بهذه المقالة هنا ـ ذهبوا في بحث البراءة إلى جريان قبح العقاب بلا بيان في الشبهة الوجوبية ، فيعلم منه أنّ بيان اللزوم والاستحباب على ـ