بالذات ، وإلّا خرج الممكن بالذات عن كونه ممكنا بالذات ، بل لا بدّ له من موجد يوجده ، أمّا كونه علّة تامّة له بحيث لا ينفكّ عنه فلا ، فحينئذ فعل النّفس الّذي سمّيناه بالاختيار أو إعمال القدرة أو حملة النّفس أو المشيئة أو غير ذلك من الألفاظ ـ
عباراتنا شتّى وحسنك واحد |
|
وكلّ إلى ذاك الجمال يشير |
ـ فعل اختياري صادر عن النّفس بلا واسطة في البين ، وهو مقدور لها بحيث يمكنها أن تعمل قدرتها وأن لا تعمل ، بخلاف سائر الأفعال ، فإنّها صادرة عن النّفس بواسطة هذا الفعل الاختياري ، وهذا معنى قوله عليهالسلام : «خلق الله الأشياء بالمشيئة والمشيئة بنفسها» (١).
والحاصل : أنّ علّة الفعل ليست هي الشوق بل هي الاختيار ، والشوق ليس إلّا باعثا ومحرّكا للنفس وداعيا للاختيار ، وهو فعل من أفعال النّفس يصدر عنها بلا واسطة ، ولها أن تختار وأن لا تختار ، فهو مقدور لها وفعلها.
ونظيره علم النّفس بالأشياء ، فإنّه بواسطة الصورة الحاصلة منها في النّفس ، وأمّا علمها بهذه الصورة فهو بنفسها لا بواسطة صورة أخرى.
ولو قلنا بقهرية الأفعال المعلولة للاختيار ولم نكتف في اختيارية الاختيار بمقدوريته للنفس وصدوره عنها ، وجب أن نقول
__________________
(١) الكافي ١ : ١١٠ ـ ٤ بتقديم وتأخير.