الأمر ـ ليس إلّا الاشتغال.
هذا في البراءة الشرعيّة ، أمّا البراءة العقليّة : فذهب صاحب الكفاية وشيخنا الأستاذ إلى عدم جريانها في المقام (١) ، وهو المختار عندهما في باب الأقلّ والأكثر الارتباطيّين (٢).
ولكنّا قد أثبتنا في محلّه جريانها ـ وفاقا لشيخنا العلّامة الأنصاري (٣) أعلى الله مقامه ـ ولا فرق بين البابين في ذلك ، فإن قلنا بالبراءة العقليّة هناك نقول به هنا أيضا.
وتوضيح ذلك يقتضي عطف عنان الكلام إلى النقض والإبرام فيما يستدلّ لعدم جريانها في ذاك المقام ، ثم بيان ما هو المرام من جريانها في كلا المقامين على سبيل الإجمال والاختصار.
فنقول : إنّ عمدة ما استدلّ لعدم جريانها هناك وجهان :
الأوّل : ما أفاده صاحب الكفاية من أنّه لا ريب في أنّ الواجب الارتباطي مشتمل على غرض يجب على العبد استيفاؤه والقطع بحصوله بحكم العقل ، وواضح أنّه مع عدم إتيان السورة مثلا مع احتمال دخلها في حصول الغرض يشكّ في حصول الغرض ، فالعقاب عليه ـ مع استقلال العقل بوجوب القطع بحصول الغرض ـ ليس عقابا بلا بيان ومؤاخذة بلا برهان لو لا دليل شرعي دالّ على
__________________
(١) كفاية الأصول : ٩٨ ، أجود التقريرات ١ : ١٢١.
(٢) كفاية الأصول : ٤١٦ ، أجود التقريرات ٢ : ٢٨٥ و ٢٩٥.
(٣) مطارح الأنظار : ٦١ ، وفرائد الأصول : ٢٧٣.