وغرض الوضع ، فالعمود مثلا موضوع ، والمكان المخصوص موضوع عليه ، وغرض الوضع كون هذا المكان رأس الفرسخ ، وغرض الوضع في الألفاظ نفس المعنى ، فالمعنى موضوع له لا موضوع عليه.
فالتحقيق ـ الّذي هو موافق للّغة والوجدان وفطريّ الإنسان والحيوان ـ أنّ الوضع حقيقة هو البناء والالتزام بأنّه متى أراد معنى خاصّا أتى بذلك اللّفظ ، فهو بمعنى الجعل والتعهّد والالتزام ، ومنه وضع القانون ، ونظيره في الأفعال أيضا موجود ، فيجعل فعل خاصّ ـ كحركة الرّأس أو وضع العمامة على الرّأس أو رفعها عنه وأمثال ذلك ـ علامة لإرادته شيئا خاصّا ، فليس الارتباط والاختصاص بحقيقة الوضع ، كما أفاده صاحب الكفاية (١) بل من شئونه وتوابعه.
__________________
ـ لا ريب فيه ، وهي عبارة عن الموضوع وهو العلم ، والموضوع عليه وهو المكان المنصوب فيه العلم ، والموضوع له وهو كون المكان رأس الفرسخ. وأيضا لا ريب في اتّحاد الموضوع عليه والموضوع له في الوضع التكويني ، فإنّ ذلك المكان بعينه هو رأس الفرسخ ، هذا كلّه في الوضع التكويني.
ويجري ذلك كلّه في الوضع الاعتباري أيضا ، فإنّ اللفظ موضوع والمعنى موضوع عليه وكون المعنى مدلولا عليه هو الموضوع له ، فاتّحد الموضوع عليه والموضوع له ، فكما أنّ المعنى يصدق عليه أنّه الموضوع له كذلك يصدق عليه أنّه الموضوع عليه سواء اتّحد هذان العنوانان أم لا ، وهذا هو المطلب الصحيح. (م).
(١) كفاية الأصول : ٢٤.