لأنّ الارتباط بين الطبيعي وأفراده والمناسبة بينهما ـ بحيث يصحّ إطلاق الفرد وإرادة الطبيعي منه ـ ممّا لا ريب فيه ، بل أشدّ من الارتباط الحاصل بين الحيوان المفترس والرّجل الشجاع الّذي يباينه ذاتا ويشابهه في بعض الصفات ، والاتّحاد بين الطبيعي وأفراده ذاتيّ ، فاستعمال اللفظ وإرادة طبيعي هذا اللفظ أولى بالصحّة.
وأمّا استعمال اللفظ وإرادة شخصه : فذكر صاحب الفصول أنّه لا يصحّ من دون تأويل بأن يقال : إنّ مثل «زيد ثلاثي» إذا أريد به شخص نفسه ، تقديره : «زيد هو ثلاثي» ف «زيد» جيء به توطئة ومقدّمة للمبتدإ المقدّر الّذي هو «هو» ، وذكر أنّه لو لا التأويل لزم إمّا اتّحاد الدالّ والمدلول لو كان هناك استعمال ، أو تركّب القضيّة من جزءين لو لم يكن استعمال (١).
وشيخنا الأستاذ ـ قدسسره ـ قال بامتناعه (٢) ، نظرا إلى أنّ الاستعمال عبارة عن إيجاد المعنى باللفظ ، وجعل اللفظ وجودا تنزيليّا للمعنى ، إذ لا يمكن أن يكون الشيء وجودا تنزيليّا لنفسه ، فإنّه لا اثنينيّة في البين حتّى ينزّل أحدهما منزلة الآخر.
ولنا في هذا المقام كلام ، وحاصله : أنّ الالتزام باستعمال اللفظ في نوعه أو شخصه أو غير ذلك بلا ملزم ، وكلّ ذلك شعر
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ٢٢.
(٢) أجود التقريرات ١ : ٣٠ ـ ٣١.