ف «زيد» في هذا المثال لم يستعمل في نوع من أنواع طبيعيّ لفظ «زيد» بل هو الطبيعي بعينه وأحضر بنفسه في ذهن المخاطب ، ولمّا تعلّق غرض المتكلّم بإفادة فاعليّة حصّة خاصّة من هذا الطبيعي ، جعل الدالّ عليه لفظة «في» وذلك لما عرفت من أنّ الحروف وضعت لتضييق المعاني الاسميّة.
فاتّضح ممّا ذكرنا أنّه لا حاجة في أمثال ذلك إلى الاستعمال حتّى يقال : إنّ استعمال اللفظ في شخص نفسه مستلزم لاتّحاد الدالّ والمدلول ، وإن كان هذا الإشكال غير وارد من أصله ، ضرورة كفاية التعدّد الاعتباري ، ولذا ورد في بعض الأدعية : «يا من دلّ على ذاته بذاته» (١) بل يؤتى بالمعنى بنفسه من دون حاجة إلى ما يدلّ عليه ، ولا يلزم منه تركّب القضيّة الملفوظة من جزءين وأن تكون بلا موضوع ، فإنّ موضوع القضيّة نفس المعنى.
هذا ، ولو سلّمنا لزوم كون الموضوع لفظا دالّا على المعنى مستعملا فيه ، فلا بدّ (١) من القول بامتناع استعمال اللفظ في شخص
__________________
(١) البحار ٩١ : ٢٤٣ باب إحراز أمير المؤمنين عليهالسلام من كتاب الذّكر والدعاء.
(٢) هذا منه ـ دام ظلّه ـ يخالف ما مرّ عنه في بحث الوضع ، فإنّ لزوم اجتماع المتقابلين في شيء واحد مبتن على القول بأنّ الاستعمال إيجاد المعنى بالوضع أو غير ذلك ممّا ذكر في المتن.
والحقّ أنّ الاستعمال هو استخدام اللفظ لتفهيم الموضوع له ، ولا إشكال في كون شيء واحد مستعملا ومستعملا فيه باعتبارين.
وبعبارة أخرى : لا فرق بين الدلالة العقلية واللفظية في كفاية التعدّد الاعتباري ، فاستعمال اللفظ وإرادة شخصه لا محذور فيه عقلا. (م).