نعم ، لا ريب في أنّ الجملة الخبريّة يستفاد منها شيء لا يستفاد من مفرداتها ، وهذه الخصوصيّة المستفادة منها ـ كقصد الحكاية أو ثبوت المحمول للموضوع خارجا ـ من المعلوم أنّها لا تكون ذاتية لها ولا مستفادة منها بالطبع ، بل تكون بالوضع ، ولذا وقع النزاع في أنّها هل تستفاد من الإعراب أو الضمير المستتر فيها أو الهيئة؟.
واختار شيخنا الأستاذ ـ قدسسره ـ أنّها مستفادة من الهيئة ، والأمر كما أفاده ، إلّا أنّه خصّه بالجمل الاسميّة (١).
ولا وجه لهذا التخصيص ، فإنّ هناك خصوصيّات ومزايا تستفاد من الجمل الفعليّة ، كاستفادة الحصر من «إيّاك نعبد» واستفادة فاعليّة موسى في قولنا : «ضرب موسى عيسى» ولا ريب [في] أنّها بالوضع لا غير.
ثمّ إنّ المعروف أنّ وضع الموادّ شخصيّ ووضع الهيئات نوعيّ.
فإن كان المراد أنّ المادّة كمادّة «ضرب» بشخصها وضعت لذلك المعنى ، ومن هذه الجهة يقال : إنّ وضعها شخصيّ ، فهذا بعينه متحقّق في وضع الهيئة ، فإنّ هيئة «فاعل» بشخصها وضعت لذات يصدر عنه الفعل.
وإن كان المراد من كون وضع الهيئات نوعيّا أنّ الهيئة بما أنّها
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٣٢.