برء فلا يجوز له الافطار كما تدلّ عليه النصوص الشّرعية وفتاوى الفقهاء.
فمن النصوص ما روي عن يونس عن سماعة قال : سألته ما حدّ المرض الذي يجب على صاحبه فيه الافطار كما يجب عليه في السفر من كان مريضاً أو على سفر؟ قال : «هو مؤتمن عليه مفوّض إليه فإن وجد ضعفاً فليفطر وإن وجد قوّة فليصمه كان المرض ما كان». (١) ومثل ذلك بقية أحاديث هذا الباب فراجع ، وأمّا فتاوى الفقهاء فقد مرّ جملة منها.
منها : قال الشيخ الطوسي : «وحدّ المرض الذي يجب معه الافطار إذا علم الإنسان من نفسه أنّه إن صام زاد في ذلك في مرضه أو أضرّ به ...». (٢)
وقال المحقّق في المعتبر : «والمريض لا يصحّ صومه مع التضرّر لقوله (عليهالسلام) «لا ضرر ولا ضرار» ولو تكلّفه لم يصحّ ، لأنّه منهيّ عنه ، والنهي يدل على فساد المنهيّ في العبادات ويجب عليه لو لم يتضرّر ، والانسان على نفسه بصيرة». (٣)
وصريح عبارة المحقّق أنّ المدرك لعدم صحّة صوم المريض هو قاعدة نفي الضرر وإنّ مفاد القاعدة هو النهي عن الاضرار بالنفس ولذلك يكون الصوم المضرّ حراماً.
فالحاصل أنّ الملاك في وجوب الافطار على المريض هو الضرر ، وقياسه على المسافر من هذه الجهة قياس مع الفارق. ويستكشف من هذا كلّه أنّ وجوب الافطار يشعر على الأقلّ بحرمة الاضرار بالنفس ، ولا منافاة بين هذا الاشعار وبين كون صوم المريض يعتبر ردّاً لهديّة الله وصدقته ، فانّهما متلازمان أو كالمتلازمين في الوجود ، ولا مانع من أن يكون في حكم واحد ملاكان ، كلّ يكفي في إيجاب الحكم إذا توحّدا.
__________________
(١) الوسائل : ج ٧ ، باب ٢٠ من أبواب من يصحّ منه الصوم ، ح ٤.
(٢) النهاية : ١٥٨.
(٣) المعتبر : ٢ / ٦٨٥ ، وراجع : الشرائع : ١ / ١٥٥ والمختصر : ٧١.