وقد عرفت آنفا من الشيخ جريان الاستصحاب فيهما مع ان ظاهره تغايرهما حقيقة ودقة وان الضعيف هو فرد آخر مغاير مع الفرد الشديد قد حدث مقارنا لارتفاعه فكيف بما إذا قلنا انهما شيء واحد حقيقة مختلف الوصف قد تبدل مرتبة منه إلى مرتبة أخرى وحيث ان المرتبة الثانية هي متصلة بالأولى ولم يتخللهما العدم وكان الاتصال مساوقاً للوحدة فلم يتعدد الطبيعي المتحقق في ضمنهما فالشك في تبدل المرتبة إلى مرتبة أخرى هي شك في الحقيقة في بقاء ما تيقنا به لا في حدوث فرد آخر مقارن لارتفاع الأول (وحاصل الجواب) أن الأمر في الحقيقة وإن كان كذلك ولكن العرف ممن لا يرى الإيجاب والاستحباب أو الحرمة والكراهة إلا فردين متباينين لا فردا واحدا مستمرا قد اختلفت شدته إلى الضعف كما في السواد الشديد والضعيف ومن المعلوم ان العبرة في وحدة القضيتين موضوعاً ومحمولا كما سيأتي تفصيله هو نظر العرف (وعليه) فلا مجال للاستصحاب في مثل الإيجاب والاستحباب أو الحرمة والكراهة أبداً وإن صح في مثل السواد الشديد والضعيف لكونهما أمرا واحدا مستمرا حقيقة وعرفا فتأمل جيدا.
(قوله لما مرت الإشارة إليه ويأتي من أن قضية إطلاق أخبار الباب أن العبرة فيه بما يكون رفع اليد عنه مع الشك بنظر العرف نقضا ... إلخ)
أي لما مرت الإشارة إليه في صدر الاستصحاب وسيأتي شرحه في تتمة الاستصحاب إن شاء الله تعالى من اعتبار وحدة القضيتين فيه المتيقنة والمشكوكة موضوعا ومحمولا على نحو كان الشك صادقا في البقاء لا في الحدوث وكان رفع اليد عن اليقين في محل الشك نقضا لليقين بالشك وهدما له بسبب الشك وان مقتضي أخبار الباب هو كون العبرة في وحدتهما موضوعاً ومحمولا هو نظر العرف وأن يكون النقض صادقا في نظرهم وإن لم يكن نقض دقة وواقعا لتبدل الموضوع أو المحمول حقيقة (كما في استصحاب الأمور التدريجية) كاستصحاب وجود الليل أو النهار أو سيلان الدم ونبع الماء ونحو ذلك (بل واستصحاب الأمور القارة) كسواد