العقل مثلا بحرمة السم المضر وانتفى الإضرار من اسم فإن كان الإضرار دخيلا بنظره في الموضوع فلا حرمة يقيناً وإن لم يكن دخيلا فالحرمة باقية يقيناً (وعليه) فلا استصحاب على كلا التقديرين بلا شبهة.
(وقد أفاد المصنف) في جوابه ما ملخصه لدى التدبر التام في مجموع كلماته قدسسره أن تطرق الإهمال إلى موضوع حكم العقل مما يعقل في الجملة بمعنى انه يمكن أن يستقل العقل بحكم خاص على موضوع مخصوص مع وجود حالة مخصوصة فيه لكن من غير أن يدرك دخلها في المناط على نحو إذا انتفت الحالة أدرك فقد المناط فيه بل يدرك فقط تحقق المناط مع وجود الحالة فيستقل بالحكم ولا يدرك تحقق المناط مع انتفاء الحالة فلا يستقل بالحكم ولا بانتفائه (وقد أشار) إلى ذلك بقوله أخيراً فرب خصوصية لها دخل في استقلاله مع احتمال عدم دخله فبدونها لا استقلال له بشيء قطعاً مع احتمال بقاء ملاكه واقعاً (وأشار إليه) قبل ذلك مختصراً بقوله وإن لم يدركه الا في إحداهما ... إلخ (وعليه) فلا مانع حينئذ عن استصحاب الحكم الشرعي المستكشف بحكم العقل بعد انتفاء الحالة المخصوصة وذلك لليقين السابق كما هو المفروض والشك اللاحق نظراً إلى احتمال عدم دخل الحالة في المناط أصلا ولبقاء الموضوع عرفاً إذا فرض عدم كون الحالة من مقومات الموضوع بل من حالاته المتبادلة.
(أقول)
هذا مخلص ما أفاده المصنف في تصحيح جريان الاستصحاب في الأحكام الشرعية المستندة إلى الأحكام العقلية ونعم ما أفاد إنصافاً (وأما استصحاب نفس الأحكام العقلية) فلم يظهر منه شيء في حقه لا نفياً ولا إثباتاً (والحق) انه مما لا يجري (لكن لا) لما أفاده الشيخ أعلى الله مقامه من عدم جواز تطرق الإهمال إلى موضوع حكم العقل بعد ما عرفت من جواز تطرقه إليه في الجملة بالمعنى المذكور (بل لأن) الاستصحاب سواء كان اعتباره من باب الظن أو من باب الاخبار هو حكم شرعي