لا محالة أما على الثاني فواضح وأما على الأول فبلحاظ إمضائه بناء العقلاء على البقاء فإذا كان الاستصحاب حكماً شرعياً فحكم الشارع بإبقاء الحكم العقلي السابق عند الشك في بقاءه مما يخرجه عن الحكم العقلي إلى الشرعي ولو بقاء لا حدوثاً وهذا واضح ظاهر (وأما استصحاب موضوع حكم العقل) فالظاهر انه مما لا مانع عنه فيستصحب الضرر في السم في المثال المتقدم إذا شك في بقاءه ويرتب عليه حكم العقل والشرع جميعاً اما الثاني فواضح واما الأول فلأن العقل قد استقل كما هو المفروض بحرمة السم المضر بنحو الكبرى الكلية فإذا حكم الشرع بالصغرى وأن هذا السم باق على ضرره كما في السابق حكم عليه العقل بالحرمة كحكمه بحرمته في السابق (ومن هنا) يتضح أن تفصيل الشيخ أعلى الله مقامه في استصحاب موضوع حكم العقل بين كون الاستصحاب من باب الظن أو الاخبار مما لا وجه له فتأمل جيداً فإن المقام لا يخلو عن دقة.
(قوله إن قلت كيف هذا مع الملازمة بين الحكمين ... إلخ) أي كيف يستصحب الحكم الشرعي المستكشف بحكم العقل عند طرو انتفاء ما احتمل دخله فيه مع وجود الملازمة بين الحكمين حكم العقل وحكم الشرع جميعاً.
(وحاصل ما أجاب به المصنف) أن الملازمة إنما تكون في طرف الوجود لا في طرف العدم بمعنى أنه إذا استقل العقل بحكم حكم الشرع أيضاً على طبقه وليس كلما لم يستقل العقل بحكم لطرو انتفاء ما احتمل دخله فيه لم يحكم الشرع به أيضاً
(نعم إذا استقل) العقل بالعدم لم يحكم الشرع حينئذ لكن مجرد عدم استقلال العقل بالحكم لطرو انتفاء ما احتمل دخله فيه مما لا يوجب عدم حكم الشرع به أيضا
(وقد عبّر المصنف) عن طرفي الوجود والعدم بمقامي الإثبات والثبوت (فقال) لأن الملازمة إنما تكون في مقام الإثبات والاستكشاف لا في مقام الثبوت إلى آخره ولم يحسن في تعبيره عنهما بذلك فإن مقامي الإثبات والثبوت عبارة عن مقامي الدلالة والواقع وليست الملازمة في مقام الدلالة دون الواقع والصحيح في التعبير هو ما ذكرناه فلا تغفل عنه ولا تذهل.