المصنف في المقام من جريان الأصلين فيما لم يلزم منه مخالفة عملية لوجود المقتضي وفقد المانع مما لا وجه له بعد ما عرفت من فقد المقتضي من أصله.
(نعم) لو سلم وجود المقتضي فلا مانع عنه حتى لو قلنا بكون المخالفة الالتزامية محذوراً شرعاً وعقلا وذلك لما تقدم في القطع في الأمر الخامس من عدم التنافي بين الالتزام الإجمالي بما هو الثابت للشيء واقعاً وبين الالتزام بإباحته ظاهراً من جهة الأصل (فما يلوح من المصنف) هاهنا من وجود المانع لو قلنا بكون المخالفة الالتزامية محذوراً شرعاً وعقلا (حيث قال) وأما فقد المانع فلأجل أن جريان الاستصحاب في الأطراف لا يوجب إلّا المخالفة الالتزامية وهو ليس بمحذور لا شرعاً ولا عقلا ... إلخ مما لا وجه له (وقد اعترف المصنف) هناك بعدم التنافي وغفل عنه في المقام وكأنه لبعد المسافة (فقال هناك ما لفظه) ثم لا يذهب عليك انه على تقدير لزوم الموافقة الالتزامية وكان المكلف متمكناً منها يجب ولو فيما لا يجب عليه الموافقة القطعية عملا ولا تحرم المخالفة القطعية عليه كذلك أيضا لامتناعهما كما إذا علم إجمالا بوجوب شيء أو حرمته للتمكن من الالتزام بما هو الثابت واقعاً والانقياد له والاعتقاد به بما هو الواقع والثابت وإن لم يعلم انه الوجوب أو الحرمة (إلى أن قال) ومن هنا قد انقدح انه لا يكون من قبل لزوم الالتزام مانع عن إجراء الأصول الحكمية أو الموضوعية في أطراف العلم لو كانت جارية مع قطع النّظر عنه (انتهى).
(ثم إن الشيخ) أعلى الله مقامه قد جعل للقسم الثاني من الاستصحابين المتعارضين صوراً أربع.
(الأولى) ما إذا كان العمل بالاستصحابين مستلزماً لمخالفة قطعية عملية كما لو علم إجمالا بنجاسة أحد الطاهرين.
(الثانية) ما إذا لم يكن العمل بهما مستلزماً لمخالفة قطعية عملية ولكن يقوم دليل من الخارج عقلي أو نقلي على عدم الجمع كما في الماء النجس المتمم كراً بماء