وكيف كان هذا شروع من المصنف في بيان حال القسم الثالث من أقسام المرجحات الخارجية وهو الدليل المعتبر في نفسه الغير المعاضد لمضمون أحد الخبرين (وقد تقدم) التمثيل له في صدر هذا الفصل والفصل السابق أيضا بالأصل العملي.
(بل الشيخ) أعلى الله مقامه قد ذكر من القوم مرجحين آخرين أيضا غير الأصل العملي مثل كون أحد الخبرين متضمناً للإباحة والآخر مفيد للحظر فيقدم الحاظر على المبيح أو كون أحد الدليلين دليل الحرمة والآخر دليل الوجوب فيقدم دليل الحرمة على دليل الوجوب :
(قوله فالظاهر أنه لأجل اعتباره من باب الظن والطريقية عندهم إلى آخره)
وقد أشار الشيخ أعلى الله مقامه إلى ذلك (فقال) بعد عبارته المتقدمة (ما لفظه) لكن يشكل الترجيح بها يعني الأصول الثلاثة أي البراءة والاحتياط والاستصحاب من حيث ان مورد الأصل ما إذا فقد الدليل الاجتهادي المطابق أو المخالف فلا مورد لها إلا بعد فرض تساقط المتعارضين لأجل التكافؤ والمفروض ان الاخبار المستفيضة دلت على التخيير مع فقد المرجح فلا مورد للأصل في تعارض الخبرين رأساً فلا بدّ من التزام عدم الترجيح بها وأن الفقهاء انما رجحوا بأصالة البراءة والاستصحاب في الكتب الاستدلالية من حيث بنائهم على حصول الظن النوعيّ بمطابقة الأصل وأما الاحتياط فلم يعلم منهم الاعتماد عليه الا في مقام الاستناد لا في مقام الترجيح (انتهى) موضع الحاجة من كلامه رفع مقامه.
(وبالجملة) محصل كلام الشيخ والمصنف جميعاً ان ترجيح الأصحاب أحد الخبرين المتعارضين بالأصل العملي مبني على اعتبار الأصل من باب الظن وأما بناء على اعتباره تعبداً وكونه أصلا عملياً محضاً فيشكل الترجيح به.
(غير أن وجه الإشكال في نظر الشيخ) أن الأصل العملي كما تقدم شرحه هو مما لا مورد له مع الدليل الاجتهادي سواء كان الدليل مخالفاً له أو موافقاً معه