يحرز ان بناء العقلاء أو سيرة المتشرّعة قد استقر على الرجوع إلى مثله أيضا فلا يجوز (وفيه ما لا يخفى) فإن أدلة التقليد إن كانت هي لفظية فلا وجه لعدم الإطلاق فيها وان كانت لبية كبناء العقلاء فالعقلاء لا يفرقون في الرجوع إلى أهل الخبرة فيما هو خبير به بين ان يكون خبيراً بسائر الأبواب أيضا أم لا بل يتعين الرجوع عندهم إلى المتجزّي إذا كان فيما هو خبير به أشد خبرة من الخبير المطلق.
(واما عدم إحراز) سيرة المتشرعة على الرجوع إلى مثله (ففيه) انه لا متجزّي غالباً يعرف في الخارج انه متجزّي لتكون سيرتهم مستقرة على الرجوع إلى مثله أو على عدمه فإن الناس غالباً بين من يعرف انه عامي محض وبين من يعرف انه من طلبة العلم ولم يبلغ درجة الاجتهاد وبين من يعرف انه مجتهد مطلق قد حاز رتبة الاجتهاد والاستنباط في عموم أبواب الفقه وإذا فرض انه قد عرف أحيانا ان هذا متجزّي فلا يعلم غالباً انه فيما هو خبير به أعلم من الغير أو مساوي معه ليصح الرجوع إليه.
(وبالجملة) إن الإشكال في جواز تقليد المتجزّي في الجملة أي فيما هو مجتهد فيه خبير بصير به في غير محله وذلك لإطلاقات أدلة التقليد ولما عرفت من ان العقلاء لا يفرقون في الرجوع إلى أهل الخبرة فيما هو خبير به بين ان يكون خبيراً بسائر الأبواب أيضا أم لا (ومن هنا يظهر) ضعف ما استند إليه الفصول في وجه المنع من الأصل.
(قال) الثالث في حجية نظره في حق غيره يعني به نظر المتجزّي (قال) والحق عدم حجيته له بناء على حجيته في حق نفسه مع التمكن من الرجوع إلى المجتهد المطلق للأصل (انتهى) والسر في الضعف هو ما عرفته من إطلاقات الأدلة فالأصل منقطع به بل وبتعميم العقلاء أيضا وعدم فرقهم في الرجوع إلى أهل الخبرة فيما هو خبير به بين كونه خبيراً بسائر الأبواب أيضا أم لا (وعليه) فلا مجال حينئذ للاستناد إلى الأصل أصلا.