(ثم هل المراد) من كون جواز التقليد ورجوع الجاهل إلى العالم بديهياً جبلياً فطرياً أن جواز التقليد مما استقر عليه بناء العقلاء وقد جرى عليه ديدنهم أو أن جواز التقليد مما استقل به العقل وحكم به اللب مقتضي ما تقدم منه في الموضع الثالث من مواضع التجزي من قوله وعدم إحراز ان بناء العقلاء أو سيرة المتشرعة على الرجوع إلى مثله ... إلخ هو الأول ومقتضي ما سيأتي منه في بحث اشتراط الحياة في المفتي من قوله فإن جواز التقليد إن كان بحكم العقل وقضية الفطرة كما عرفت فواضح ... إلخ هو الثاني فإنه كالصريح في الإشارة إلى ما ذكره في المقام.
(وعلى كل حال) الحق ان جواز التقليد ورجوع الجاهل إلى العالم بل إلى مطلق أهل الخبرة من كل فن هو مما استقر عليه بناء العقلاء وقد جرى عليه ديدنهم ولو في الجملة كما صرح به المصنف أي فيما حصل منه الوثوق والاطمئنان لا مطلقاً وهذا من غير أن يستقل به العقل ويحكم به اللب فإن العقل انما يستقل بحجية شيء إذا لم يحتمل فيه الخلاف كما في العلم واليقين دون ما احتمل فيه الخلاف والخطأ وإن حصل منه الوثوق والاطمئنان (ومن هنا يظهر) ان مجرد بناء العقلاء على رجوع الجاهل إلى العالم مما لا يكفي مدركاً لجواز التقليد ما لم يحرز إمضاء الشارع له وعدم ردعه عنه ولو بسكوته وعدم نهيه عنه بالخصوص فإن مجرد ذلك كاشف قطعي عن إمضائه له وعدم ردعه عنه وعن خروجه عن تحت الآيات الناهية عن مطلق الظن فلو كان التقليد والعمل بقول العلماء من الأصحاب محرماً منهياً عنه شرعاً لم يكتف الشارع بعموم تلك الآيات الناهية بل كان ينهى عنه بالخصوص كما نهي عن القياس كذلك وورد في حقه من الأخبار الكثيرة ما شاء الله (وقد تقدم) نظير ذلك كله في حجية خبر الواحد في بناء العقلاء على العمل بخبر الثقة بعد الاعتراف بصلاحية الآيات الناهية عن الظن للردع عنه إثباتاً من دون لزوم الدور كما ادعاه المصنف هناك فراجع وتدبر.
(بقي شيء) وهو ان العامي الجاهل إن كان رجوعه إلى العالم هو بمقتضى