قد صار الأخباري إخبارياً والمجتهد مجتهداً (وعليه) فكيف لا يشترط الأخباري هاهنا الحياة في المفتي ويجوّز هو تقليد الميت ولو ابتداء (ولعل السر في ذلك) كما يظهر من التقريرات ان الفتوى عندهم هي عبارة عن نقل الحديث بالمعنى فالفتوى بهذا المعنى مما لا يشترط الحياة فيها ويجوّزون العمل بها ولو كان من الميت ابتداء وليست الفتوى هي عندهم بالمعنى المصطلح عندنا وهو الإخبار عن الحكم الشرعي الّذي استفاده المفتي من الأدلة بالجد والاجتهاد والنّظر والاستنباط فانها بهذا المعنى عندهم هي كالقياس والاستحسان (ومن هنا يمكن) أن يقال إن الأخباريين ليسوا مخالفين في المسألة فإن الفتوى بالمعنى الّذي يقصده الأخباريون نحن أيضاً نجوّز العمل بها ولو كان من الميت وبالمعنى الّذي يقصده المجتهدون هم أيضاً لا يجوّزون العمل بها ولو كان من الحي فضلا عن الميت (قال في التقريرات) في ذيل ما أفاده في صدر المسألة (ما لفظه) فإن الأخبارية بأجمعهم على المنع من الإفتاء فإنه فرع الاجتهاد وهم ليسوا من أصحاب الاجتهاد كما هو المعروف من طريقتهم وكلمات جملة منهم ممن اطلعنا عليهم صريحة فيما ذكرنا فما يجوز عندهم من الفتوى عبارة عن نقل الحديث بالمعنى وما ليس كذلك فلا يجوزونه ويلحقونه بالقول بالقياس والاستحسان (إلى أن قال) ومن هنا يظهر ان خلاف الأخباريين كما نقلنا ليس وارداً في هذا المقام (إلى أن قال) قال السيد الجزائري في مقام الاستدلال على ما ذهب إليه من عدم الاشتراط إن كتب الفقه شرح لكتب الحديث ومن فوائدها تقريب معاني الاخبار إلى أفهام الناس لأن فيها العام والخاصّ والمجمل والمبين إلى غير ذلك وليس كل أحد يقدر على بيان هذه الأمور من مفادها فالمجتهدون بذلوا جهدهم في بيان ما يحتاج إلى البيان وترتيبه على أحسن النظام والاختلاف بينهم مستند إلى اختلاف الأخبار أو فهم معانيها من الألفاظ المحتملة حتى لو نقلت تلك الأخبار لكانت موجبة للاختلاف كما ترى الاختلاف الوارد بين المحدثين مع ان عملهم مقصور على الاخبار المنقولة