أضف إلى ذلك أن الأصلين المزبورين بعد عدم كونهما من الأصول العقلائية ، لا يجريان في أنفسهما ، إذ لا يثبت بهما الوضع للخاص كما هو واضح فلا بد من الرجوع إلى الأصل في المسألة الفقهية.
والكلام فيه في مقامين :
الأول : فيما يقتضيه الأصل اللفظي.
الثاني : في مقتضى الأصول العملية.
أما المقام الأول : فإذا ورد عام مثل قوله تعالى : (وَلا يَغْتَب بَعْضُكُم بَعْضاً) (١) وخصص ذلك بما اخذ في موضوعه عنوان اشتقاقي مثل ما دل على جواز غيبة المعلن بالفسق ، فبالطبع بعد الشك في كون المشتق حقيقة في الأعم يشك في أن من كان متلبسا سابقا بهذا الوصف وانقضى عنه المبدأ هل يكون باقيا تحت العام أو هو مشمول لدليل الخاص والفرض كون الشبهة مفهومية ، فحينئذ إن كان المخصص متصلا يصير العام مجملا ، ففي مورد الشك لا يمكن التمسك بالعام ولا بالخاص ، وان كان منفصلا كما في المثال ، ففي المقدار المتيقن دخوله تحت عنوان الخاص يؤخذ بالخاص ، وفي الزائد منه يرجع إلى العام كما حقق في محله.
وأما المقام الثاني : فعن جماعة منهم المحقق الخراساني ، انه يرجع إلى
__________________
(١) سورة الحجرات الآية ١٢.