الثالثة : ما يدل على أن الله تعالى لا يريد الظلم.
نظير قوله سبحانه : (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِينَ)(١).
وعدم دلالة هذه على المدّعى واضح. نعم ان كان للوصف واللقب مفهوم لكانت دالة على إرادة غير الظلم.
الرابعة : ما دل على تعلق إرادته باليسر.
كقوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)(٢).
وهذه الطائفة دالة على تعلق الارادة التشريعية باليسر دون العسر ، وقد مر أنها تتخلف عن المراد.
وأما الآية الكريمة : (وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(٣) التي توهم دلالتها على ذلك ، بتقريب انها تدل على أن عدم إيمان قوم نوح عليهالسلام انما كان من جهة إرادة الله تعالى المتعلقة بأفعالهم.
فيرد على الاستدلال بها : ان الغي ليس بمعنى الضلالة ، بل من المحتمل إرادة البأس أو العقاب منه.
وعلى الأول تدل الآية على أن البأس الذي هو نتيجة أفعالهم الاختيارية
__________________
(١) الآية ١٠٨ من سورة آل عمران.
(٢) الآية ١٨٥ من سورة البقرة.
(٣) الآية ٣٤ من سورة هود.