قال الله تعالى في حق الاصنام (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) (١) ، أي ضلوا بهن ، وقال (وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا* وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً) (٢) ، أي ضل بهم كثير من الناس.
والاضلال بهذا المعنى منسوب إلى الله تعالى نظرا إلى أن الأفعال الاختيارية الصادرة عن الإنسان لها مبادئ خارجة عن دائرة اختياره ، كوجود الإنسان وحياته وإدراكه للفعل وشوقه إليه ، وملاءمة ذلك الفعل لقوة من قواه وقدرته على ايجاده ، وتلك المبادئ موجدها هو موجد الإنسان نفسه ، وقد ثبت في محله أن بقاء الاشياء واستمرارها في الوجود محتاج إلى المؤثر في كل آن.
وعلى هذا فالكفر والفسق إذا صدرا عن العبد باختياره بما أن مبادئهما من قبل الله تعالى فلذلك يصح أن ينسبا إليه تعالى.
وبذلك يظهر الجواب عما أورد على القرآن المجيد بأنه : قد يسند الفعل إلى العبد واختياره ، وقد يسند الأفعال إلى الله تعالى ، وهذا تناقض واضح.
__________________
(١) الآية ٣٦ من سورة إبراهيم.
(٢) الآيتين ٢٣ و ٢٤ من سورة نوح.