أثابه ونعمه ، وأنه خلق أكثر خلقه للنار ولم يمكنهم من طاعته ثم أمرهم بها وهو عالم بأنهم لا يقدرون عليها ولا يجدون السبيل إليها ، ثم استبطأهم لمّا لمْ يفعلوا ما لم يقدروا عليه لمَّا لمْ يوجدوا ما لم يمكنهم منه.
وان الحسن ما فعله ولو كان ذلك عقاب أشرف الانبياء ، والقبيح ما تركه ولو كان ذلك ثواب أشقى الاشقياء.
واستدلوا لما قالوا بأنه ليس للعقل التحكم على الله تعالى ، بل هو ساقط في هذا المقام.
ولكنك بعد ما عرفت من ثبوت الحسن والقبح العقليين فثبوت عدالته تعالى لا يحتاج إلى مزيد بيان ، إذ العقل يدرك حسن العدل وان تركه للقادر عليه قبيح.
وان فعل القبيح ينافر الحكمة والكمال فلا يكاد يصدر منه تعالى.
وبالجملة العقل يدرك أنه سبحانه لكماله وحكمته وقدرته وغناه صدور القبيح منه محال ، ولا يفعل القبيح. لانه لو فعل القبيح والظلم لكان :
اما جاهلا بالقبيح ، أو عالما به عاجزا عن تركه ، أو محتاجا إلى فعله ، أو قادرا غير محتاج بل يفعله عبثا.
وعلى الأول يلزم كونه جاهلا ، وعلى الثاني كونه عاجزا ، وعلى الثالث كونه محتاجا ، وعلى الرابع كونه سفيها.
والكل عليه محال.