لانه لا يخرج عن امكانه بالوجود ، ففى كل آن من الآنات بما أنه ممكن والافتقار من لوازم ذاته محتاج إلى المؤثر ليفيض إليه الوجود ، ومفتقر إلى مدد مبدعه الأول في كل حين والا لانعدم ، بل بالنظر الدقى الحقيقي انه عين الحاجة لا شيء محتاج.
فالانسان في كل حين ـ حتى حين الفعل ـ مفتقر إلى موجده ليفيض إليه الوجود وسائر المبادئ ، والا لما تمكن من ايجاد الفعل ، ويكون مثله تعالى (ولله المثل الاعلى) كتأثير القوة الكهربائية في الضوء ، فان الضوء لا يوجد الا حين تمده القوة بتيارها ويفتقر في بقاء وجوده إلى مدد هذه القوة في كل حين.
مع أن الله تعالى نفسه في مقام التشريع ، والتشريع لا يلائم التفويض ، إذ لا معنى للتكليف المولوي فيما لا يملك المولى منه شيئا.
مع أن التفويض لا يتم الا مع سلب اطلاق الملك منه تعالى عن بعض ما في ملكه ، وقد قال سبحانه : (لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) (١).
وقال : (لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ) (٢).
وقال : (للهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ) (٣).
__________________
(١) الآية ٥ من سورة الحديد.
(٢) الآية ١ من سورة التغابن.
(٣) الآية ٢٨٤ من سورة البقرة.