فقال (ع) له : وتظن أنه كان قضاء وقدرا لازما؟!!
انه لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب والامر والنهى والزجر من الله ، وسقط معنى الوعد والوعيد ، فلم تكن لائمة للمذنب ، ولا محمدة للمحسن ، ولكان المذنب أولى بالاحسان من المحسن ، ولكان المحسن أولى بالعقوبة من المذنب ، تلك مقالة اخوان عبدة الاوثان ، وخصماء الرحمن وحزب الشيطان ، وقدرية هذه الامّة ومجوسها ، ان الله تبارك وتعالى كلف تخييرا ، ونهى تحذيرا ، وأعطى على القليل كثيرا ، ولم يعص مغلوبا ، ولم يطع مكرها ، ولم يملك مفوضا ، ولم يخلق السماوات والارض وما بينهما باطلا ، ولم يبعث النبيين مبشرين ومنذرين عبثا ، ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار ، الحديث.
فانظر إلى هذه الرواية أيها الطالب للحقيقة كيف جمع فيها تحقيقات دقيقة ونفى الجبر والتفويض بالبرهان وذكر التوالى الفاسدة المترتبة على الجبر ، وذلك أنه لما سأله الشيخ عن مسيرهم إلى الشام أبقضاء من الله وقدر ،
قال (ع) : أجل كل ما فعلتم كان بقضائه وقدره ، فتوهم الشيخ من هذه الجملة الجبر ، من جهة أنه صور القضاء والقدر واستنتج نتيجته ، وهي : ان إرادة الله تعالى الازلية التي لا تتخلف عن المراد متعلقة بأفعال الإنسان ، وكان لازم ذلك ارتفاع الحسن والقبح ، ولذلك لما سمع الشيخ منه (ع) كون المسير بقضاء وقدر قال وهو في حال اليأس : عند الله احتسب عنائي ، أي فعلي هذا كان مسيرى من حيث تعلق إرادة الله تعالى غير اختياري لى فلم يبق لى الا العناء والتعب!!.
فأوضح (ع) مراده وقال : وتظن انه كان قضاءً حتما وقدرا لازما لا دخل