الشر ، فلا تخص الصفات الحسنة بطائفة والرذيلة بطائفة أخرى حتى يقال : ان بعض الناس سعيد ذاتا والآخر شقى كذلك باعتبار منشأهما.
وأما الرواية الاولى التي استدل بها على مختاره ، فهي بظاهرها ، وان كانت دالة على ما اختاره ، الا أنه لا بد من صرفها عن ظاهرها لوجهين :
الأول : ان الروايات الواردة عن المعصومين عليهمالسلام يفسر بعضها بعضا ، كما ورد عنهم عليهمالسلام ، وهذه الرواية قد فسرت في الروايات الاخرى بأن المراد منها ان الله يعلم وهو في بطن أمه أنه يعمل أعمال الاشقياء أو السعداء.
لاحظ خبر ان ابى عمير (١) قال : سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهالسلام عن معنى قول رسول الله صلىاللهعليهوآله" الشقى من شقى في بطن والسعيد من سعد في بطن أمه". فقال : الشقى من علم الله وهو في بطن أمه أنه سيعمل أعمال الاشقياء ، والسعيد من علم الله وهو في بطن أمه أنه سيعمل أعمال السعداء ، الحديث.
الثاني : أنه مع قطع النظر عن الروايات المفسرة لا محيص عن صرفها عن
ظاهرها ، لان من كان مطيعا فصار عاصيا أو كان عاصيا فصار مطيعا ، هل يكون في بطن أمه شقيا أم سعيدا ، فان كان سعيدا يلزم أن لا يكون الشقي في بطن أمه شقيا لانه حين عصيانه شقي ، أولا يكون عصيانه ناشئا عن الشقاوة ،
__________________
(١) التوحيد باب ٥٨ باب السعادة والشقاوة حديث ٣ ، ص ٣٥٦.