الاطلاق ومقدمات الحكمة ، كما ذهب إليه بعض ، أو من جهة حكم العقل كما اخترناه ، فلا يكون هذا الانسباق علامة الحقيقة.
واورد صاحب المعالم على القوم ، انه لو سلم كون الصيغة حقيقة في الوجوب الا ان كثرة استعمالها في الندب في الكتاب والسنة وغيرهما تكون سببا لصيرورة الندب مجازا مشهورا ، والشهرة تارة تصل إلى حد تحصل العلقة الوضعية فحينئذ لو هجر المعنى الحقيقي يصير هو معناه المنقول إليه ، والا فيكون من قبيل المشترك اللفظي ، وان لم تصل إلى هذا الحد ، فلا يحمل اللفظ المجرد عن القرينة على شيء منهما (١).
واجاب عنه المحقق الخراساني (٢) باجوبة ثلاثة :
الأول : ان كثرة الاستعمال في المعنى المجازى توجب النقل ، أو الحمل عليه ، أو التوقف فيما إذا لم يكن اللفظ مستعملا في المعنى الحقيقي كثيرا ، والا فلا توجب شيئا من ذلك ، والمقام من هذا القبيل لكثرة استعمال الصيغة في الوجوب ايضا.
وفيه : ان استعمال الصيغة في الاستحباب اكثر من استعمالها في الوجوب بمراتب ، بل نسبة الثاني إلى الأول نسبة الواحد إلى المائة ، كما يظهر لمن راجع الواجبات كالصلاة ، فان مستحباتها ازيد من واجباتها كما لا يخفى ، هذا مضافا إلى المستحبات المستقلة كآداب الاكل ونحوها.
__________________
(١) معالم الدين ص ١٥ (المبحث الأول في الاوامر ، اصل) بتصرف
(٢) كفاية الأصول ص ٧٠.