احدها : ما أفاده المحقق الأصفهاني (١) ، وحاصله : انه كما يكون للأسد مثلا نحوان من الوجود : حقيقي وهو الحيوان المفترس ، واعتباري وهو الرجل الشجاع كذلك يكون للوضع نحوان من الوجود : الحقيقي كوضع العلم على رأس الفرسخ لينتقل من النظر إليه ، أن هذا رأس الفرسخ ، والاعتباري ، بمعنى أن الواضع يعتبر وضع لفظ خاص على معنى مخصوص.
وفيه : انه في باب الوضع الحقيقي لا دلالة حقيقية ، بل هي فيه أيضاً تابعة للجعل والبناء فباب الوضع الخارجي أجنبي عن باب الدلالة ، وان كان قد يتصادقان في مورد واحد كالمثال ، كما انه قد يتصادق الرفع والدلالة ، كما لو بنى المولى على انه كلما عطش يرفع العمامة من رأسه فيكون الرفع دالا على حدوث العطش ، وموجبا لانتقال الذهن إليه ، وعليه فحقيقة الوضع ليست اعتبار مفهوم الوضع على حد الوضع الخارجي ، مع انه ينافي ذلك ما سيصرح به (ره) في مبحث استعمال اللفظ في أكثر من معنى ، من أن اللفظ ليس علامة للمعنى بل يكون وجودا تنزيليا للمعنى ، وعليه يبنى عدم جواز الاستعمال المذكور.
وقد أورد عليه الأستاذ الأعظم (٢) تارة : بان هذا المعنى أجنبي عن أذهان الواضعين لا سيما الأطفال وأمثالهم الذين يصدر منهم الوضع كثيرا فكيف
__________________
(١) نهاية الدراية ج ١ ص ٢٣.
(٢) في حاشيته على أجود التقريرات ج ١ ص ١٢ حاشية رقم ٣ وهي أول حاشية بعد الفصل الثاني (في جملة من المباحث اللغوية) ، وفي الطبعة الجديدة ج ١ ص ١٨.