كذلك ، فالصحيح في الإيراد ما ذكرناه.
الثاني ، اعتبار كون اللفظ وجودا تنزيليا للمعنى. فيكون وجود اللفظ وجوداً للمعنى في عالم التنزيل.
وفيه : أن نتيجة الوضع ، الانتقال من اللفظ إلى المعنى وكان المعنى هو الملقى إلى المخاطب ويحكم عليه بما يشاء ، لا ترتيب آثار المعنى على اللفظ كي يصح هذا التنزيل.
وان شئت قلت أن التنزيل الادعائي إنما يكون بلحاظ ترتيب آثار المنزَّل عليه على المنزل ومن الواضح انه في باب الوضع ليس كذلك ، إذ الواضع لا يريد بالوضع ترتيب آثار المعنى على اللفظ.
فالتحقيق أن حقيقة الوضع ، ليست إلا ما اختاره جملة من أساطين المحققين ، منهم صاحب تشريح الأصول (١) والأستاذ الأعظم (٢) ، وهو التعهد بذكر اللفظ
__________________
(١) وهو الشيخ علي بن فتح الله النهاوندي له كتاب تشريح الأصول طبع سنة ١٣٢٠ ه. ق قال فيه عن الوضع : «إنه عبارة عن تعهد الواضع والتزامه بإرادة المعنى من اللفظ في استعمالاته للفظ بلا قرينة» كما نقله عنه غير واحد من الاعلام.
(٢) قال (قدِّس سره) في حاشيته على أجود التقريرات ص ١٢ ، «إن حقيقة الوضع على ما يساعده الوجدان عبارة عن الالتزام النفسيّ بإبراز المعنى الّذي تعلق قصد المتكلم بتفهيمه بلفظ مخصوص فمتعلق الالتزام والتعهد أمر اختياري وهو المتكلم بلفظ مخصوص عند تعلق القصد بتفهيم معنى خاص والارتباط بينهما إنما ينتزع من هذا الالتزام وهذا المعنى هو الموافق لمعنى الوضع لغة فانه فيها بمعنى الجعل والإقرار» وفي الطبعة الجديدة ج ١ ص ١٨.