(القرآن) بأنه هو : «ما نقل بين دفتى المصحف تواترا».
وقولنا : (المتعبد بتلاوته) أيضا لبيان الواقع لا للإخراج. ومن قال : إنه لإخراج القراءات الشاذة أو منسوخ التلاوة كالجلال المحلى ، فقول غير صحيح ، بل هذه العبارة لا تصلح قيدا ولا يحتاج إليها فى التعريف ؛ لأنه من أحكام القرآن ، ومن المقرر أن التعريفات تنزه عن ذكر الأحكام فيها ، قال الأخضرى :
وعندهم من جملة المردود |
|
أن تدخل الأحكام فى الحدود |
وذلك لأن اشتمال التعريف على الأحكام يوقع فى الدور ؛ لأن الحكم على الشيء فرع تصوره ، وبهذا يكون تصور الشيء توقف على نفس تصوره. ولكن هذا لا يمكن لأن عددا من العلماء كالزرقانى والشيخ غزلان والجلال المحلى ذكروا (المتعبد بتلاوته) كقيد ، ولكن العلامة الناصر استشكل هذا القيد ، ومع ذلك فنحن نسلم للجلال والبنانى بأن الحكم المذكور فى التعريف إن ذكر للتمييز فحسب لا يضرّ.
وقولنا : (من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الناس) لبيان أنه علم شخص يطلق على القرآن كله. ويشبهه فى هذه الدلالة قول ابن السبكى فى آخر تعريفه : (المحتج بأبعاضه).
ثانيا : القرآن بوصفه اسم جنس باعتبار اللفظ المنطوق :
وفى هذا الحديث نتكلم عن (القرآن) بوصفه اسم جنس على هذا الاعتبار نفسه ، فكيف نعرفه؟ وهل إطلاقه بوصفه اسم جنس حقيقة أو مجاز؟ وإن كان حقيقة فهل إطلاقه عليهما (علم الشخص واسم الجنس) من قبيل الاشتراك اللفظى أى بوضع واحد ، أو من المشترك المعنوى أى بأوضاع مختلفة؟
ويمكن أن نقول : إن لفظ (القرآن) كبقية أسمائه من المشترك اللفظى بين تمام المجموع «علم الشخص» وبين القدر المشترك بين الكل والبعض «اسم الجنس» ، والتعريف الذى يظهر أنه اختيار التفتازانى للقرآن بوصفه اسم جنس هو (الكلام المنقول فى المصحف تواترا) ولعل مما لا يخفى أن كون هذا تعريفا صحيحا للقرآن بهذا الوصف ـ أعنى وصف كونه اسم جنس ـ لا يتم إلا لو أريد من (أل) فى قوله : (الكلام). تعريف الجنس لا تعريف العهد ، وهذا هو قصده قطعا ، فأما حيث يراد منها تعريف العهد ، فإن هذا التعريف إنما يكون القرآن بوصفه علم شخص.
ويحسن زيادة لفظ (مطلق) قبل هذا التعريف لنفى احتمال التردد بين الجنس والعهد فى (أل). وعند تجرد إطلاق لفظ