فبدأ الإمام السيوطى بذكر تعريف العام الذى ذكرنا من كلام ابن السبكى ـ دون شرح له ، ثم ثنى ببيان صيغه ، من غير خوض فى خلاف أن للعام صيغا موضوعة أو لا ، وخوض فى العديد من تلك الصيغ أهي للعموم أم للخصوص؟ فذكر منها «كل» مبتدأة نحو (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ) (١) ، أو تابعة ، نحو :
(فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ) (٢) أ. ه.
وترك ـ رحمهالله ـ من استعمالات (كل) :
الظرفية الموصولة ب (ما) الزائدة المستعملة فى الجملة الشرطية كقوله تعالى : (كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ) (٣). كما ترك ما هو بمعنى «كل» كأجمع وجميع وكافة وعامة ، وطرا ، وقاطبة ، وبأسر ، ونحو ذلك. وقد استعمل من ذلك فى القرآن أجمع تابعا «لكل» كما مثل هو «لكل» التابعة. ومنفردا كقوله تعالى : (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ) (٤) ، وجميع : كقوله تعالى : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) (٥) ، وكافة : كقوله تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً) (٦). ثم ذكر من صيغه (الذى والتى وتثنيتهما وجمعهما) أى : ما لم يقم عهد بقرينة ، وإن لم ينبه الشيخ على ذلك ، فإن قامت قرينة على العهد فهى للخصوص.
فمثال العام : (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما) (٧) فإن المراد به كل من صدر منه هذا القول ، بدليل قوله بعد : (أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) (٨) ، (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ) (٩) ، (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ) (١٠) الآية ، (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا) (١١) الآية (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما). (١٢) ومثال ما جاء من ذلك خاصا لقيام قرينة العهد ، ولم يعرض له السيوطى هنا قوله تعالى : (وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ) (١٣) وقوله : (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا) (١٤) الآية ، وقوله : (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا) (١٥) الآية ، نزلت فيمن كان من المنافقين مع النبى صلىاللهعليهوسلم فى غزوة بنى المصطلق كما هو معلوم فى محله من كتب التفسير وأسباب النزول.
ثم واصل حديثه فى ذكر الصيغ فذكر منها (أى ، وما ، ومن شرطا واستفهاما وموصولا) نحو : (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ