ثانيها : السؤال والجواب ، مثل الآية (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ) [يس ٨١]. فآخرها جواب على أولها.
ثالثها : تناسب ألفاظ الآية مع حالها ومعناها ، مثل آية سورة البقرة (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ) [١٢٦] بالتنظير مع آية سورة إبراهيم : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ) [٣٥] ، ففي الآية الأولى حيث كانت مكة مكانا منكرا غير معروف جاء لفظه نكرة (بلدا) ، ولما أصبح مكانا معروفا يرتاده الناس ويستوطنونه جاء اللفظ المعبر عنه معرفة (البلد) كما فى الآية الثانية.
ومثل قوله : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) [الأنعام ١٥١] ، بالتنظير مع آية الإسراء (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ) [٣١].
فحيث كان الفقر واقعا جاء التعبير (مِنْ إِمْلاقٍ) وطمأن الأسرة على رزقها فقدم خبرها (نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) ، وحيث كان الفقر متوقعا أشار إلى ذلك فقال : (خَشْيَةَ إِمْلاقٍ) كما أشار إلى أن الأولاد يخلقهم ربهم وقد قدر لهم أرزاقهم ، فقدم خبرهم فقال : (نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ).
رابعها : تناسب خاتمة الآية مع موضوعها ... مثل قول الله ـ سبحانه وتعالى :
(فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [البقرة ٢٠٩] ، ذكر الإمام القرطبى حكاية عن النقاش : أن كعب الأحبار لما أسلم كان يتعلم القرآن ، فأقرأه الذى كان يعلمه (فاعلموا أن الله غفور رحيم) على سبيل الخطأ ـ فقال كعب : إنى لأستنكر أن يكون هكذا ، ومر بهما رجل فقال كعب : كيف تقرأ هذه الآية؟ فقال الرجل : (فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) فقال كعب : هكذا ينبغى. وقيل : سئل كعب :
وكيف عرفت وأنت لا تحفظها؟ فقال : ما كان لمن توعد وتهدد أن يغفر ويرحم ، وإنما يعز ويحكم.
النوع الثانى : تناسب الآيات مع بعضها داخل السورة الواحدة :
ولهذا النوع أيضا أشكال :
أولها : البيان والتفسير : كما فى الآيات :
(إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (١٩) إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ)