ترجمة ، فإذا كان هذا عدد القراء المقرئين فكم يكون عدد التلاميذ الحفاظ؟!
وإن لنا أن نعتبر بعدد تلاميذ أبى الدرداء المذكور آنفا ، وطائفة قرأت على ابن مسعود (٣٨) ، وأولاد جمعهم سيدنا عمر ـ رضى الله عنه ـ ، فى المكتب ، ليحفظوا القرآن (٣٩) وبلوغ عدد التابعين إلى أربعين فى عد «الإتقان» (٤٠) ، وأربعة وأربعين فيما نعده فى النشر (٤١) ونعتبر بالازدياد كما أشرنا ، فنعلم أن التواتر والصحة فى جميع العصور من بدهيات الأمور ، ونعلم أن المستقبل على نمط الماضى.
٣ ـ ولا غرو بعد وضوح هذا الواقع التاريخى للناس ، المبين لما أشرنا إليه أن يجمع المسلمون ، وتتفق الكلمة على أن القرآن متواتر صحيح يمتاز فى ذلك عن كل ما عداه.
قال فى «تيسير التحرير» : (والقرآن كله متواتر إجماعا) (٤٢).
وذكر ابن أمير الحاج فى «شرح التحرير» :
(أن جميع القرآن متواتر إجماعا) (٤٣).
وقال النويرى : (القرآن عند الجمهور من أئمة المذاهب الأربعة ، منهم الغزالى وصدر الشريعة ، وموفق الدين المقدسى وابن مفلح والطوفى ، هو : ما نقل بين دفتى المصحف نقلا متواترا. وقال غيرهم : هو الكلام المنزل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم للإعجاز بسورة منه. وكل من قال بهذا الحد اشترط التواتر ـ كما قال ابن الحاجب رحمهالله ـ للقطع بأن العادة تقضى بالتواتر فى تفاصيل مثله ، والقائلون بالأول لم يحتاجوا للعادة لأن التواتر عندهم جزء من الحد ، فلا يتصور ماهية القرآن إلا به. وحينئذ فلا بد من حصول التواتر عند أئمة المذاهب الأربعة ، ولم يخالف منهم أحد فيما علمت ـ بعد الفحص الزائد ـ وصرح به جماعات لا يحصون كابن عبد البر وابن عطية وابن تيمية والتونسى فى تفسيره ، والنووى والسبكى والإسنوى والأذرعى والزركشى والدميرى والشيخ خليل وابن الحاجب وابن عرفة وغيرهم رحمهمالله. وأما القراء فأجمعوا فى أول الزمان على ذلك ، وكذلك فى آخره ، ولم يخالف من المتأخرين إلا أبو محمد مكى ، وتبعه بعض (٤٤) المتأخرين).
ثم جوّز النويرى أن يكون الإجماع انعقد قبل مكى ، بل قال النويرى : (بل هو الراجح لما تقدم من اشتراط الأئمة ذلك ، كأبى عمرو بن العلاء وأعلى منه ، بل هو الحق الذى لا محيد عنه) (٤٥).
٤ ـ والعلم الضرورى ـ من وراء تلك الأدلة النقلية ـ حاصل والضرورى لا يحتاج إلى دليل