ـ بأن القرآن الكريم مصون ، ونقلته يفوقون الحصر.
وفى القرطبى : أنه يعلم على القطع والبتات ، أن قراءة القرآن تلقينا متواترة عن كافة المشايخ ، جيلا فجيلا ، إلى العصر الكريم ، إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم (٤٦).
وذكر عبد الجبار أن كون القرآن منقول بالتواتر ، معلوم بالضرورة (٤٧).
٥ ـ والأصل أن القرآن متواتر بتفاصيله وجوبا.
ودليل هذا الأصل : أن القرآن الكريم لكونه كلام الله تعالى ولكونه مشتملا على الأحكام الشرعية ولكونه معجزا ، فإنه مما تتوافر الدواعى على نقله بتفاصيله ، وتقضى العادة بحفظه ، فلا بد من تواتره بتفاصيله.
هكذا قرّر أهل الأصول التواتر (٤٨).
والتفاصيل المتواترة وجوبا ـ أو التى دلّ الدليل على وجوب تواترها ـ هى إجمالا :
المتن ، والهيئة ، وعدم الزيادة ، وعدم النقصان ، بل يدخلان فى الهيئة.
وقال الغزالى : (حد الكتاب ما نقل إلينا بين دفتى المصحف على الأحرف السبعة المشهورة نقلا متواترا. ونعنى بالكتاب القرآن المنزّل.
وقيدناه بالمصحف لأن الصحابة بالغوا فى الاحتياط فى نقله ، حتى كرهوا التعاشير والنقط ، وأمروا بالتجريد كيلا يختلط بالقرآن غيره. «ونقل إلينا متواترا ، فنعلم أن المكتوب فى المصحف المتفق عليه هو القرآن ، وأن ما هو خارج عنه ليس منه ، إذ يستحيل فى العرف والعادة مع توافر الدواعى على حفظه أن يهمل بعضه فلا ينقل أو يخلط به ما ليس منه». ثم قال : فإن قيل : لم شرطتم التواتر؟.
قلنا : ليحصل العلم به ، لأن الحكم بما لا يعلم جهل ، وكون الشيء كلام الله تعالى أمر حقيقى ليس بوضعى ، حتى يتعلق بظنّنا ، فيقال : إذا ظننتم كذا فقد حرمنا عليكم فعلا ، أو حلّلنا لكم ، فيكون التحريم معلوما عند ظنّنا ، ويكون ظنّنا علامة لتعلق التحريم به ، لأن التحريم بالوضع ، فيمكن الوضع عند الظنّ ، وكون الشيء كلام الله تعالى أمر حقيقى ، ليس بوضعىّ ، فالحكم فيه بالظن جهل) (٤٩).
وقال محب الله ، وعبد العلى : (قالوا اتفاقا : ما نقل آحادا فليس بقرآن قطعا ، ولم يعرف فيه خلاف لواحد من أهل المذاهب ، واستدل بأن القرآن مما تتوافر الدواعى على نقله ، لتضمّنه التحدى ، ولأنه أصل الأحكام ، باعتبار المعنى والنظم جميعا ، حتى تعلق بنظمه أحكام كثيرة ، ولأنه يتبرك به فى كل عصر بالقراءة