والكتابة ، ولذا علم جهد الصحابة فى حفظه بالتواتر القاطع. وكل ما تتوافر دواعى نقله ينقل متواترا عادة ، فوجوده ملزوم التواتر عند الكل عادة ، فإذا انتفى اللازم وهو التواتر انتقى الملزوم قطعا ، والمنقول آحادا ليس متواترا فليس قرآنا) (٥٠).
ـ وقال السيوطى : (لا خلاف أن كل ما هو من القرآن يجب أن يكون متواترا فى أصله وأجزائه ، وأما فى محله ووضعه وترتيبه فكذلك عند محققى أهل السنة. للقطع بأن العادة تقضى بالتواتر فى تفاصيل مثله ، لأن هذا المعجز العظيم ، الذى هو أصل الدين القويم ، والصراط المستقيم مما تتوافر الدواعى على نقل جمله وتفاصيله. فما نقل آحادا ، ولم يتواتر يقطع بأنه ليس من القرآن) (٥١).
ـ وبهذا اتضحت دلالة النقل ، والعقل ، والواقع الماثل للعيان على تواتر القرآن وجوبا ، جملة ، وتفصيلا ، مادة وهيئة ، ومحلا.
ـ ويؤخذ من التواتر القطع بأنه لا وصف لشىء من القرآن وراء التواتر البتة من شهرة أو صحة غير مصحوبة بالتواتر ، فضلا عما دون ذلك.
ـ ويؤخذ مما سلف ـ وخصوصا من كلام الغزالى ـ أن تواتر القرآن يدفع فرية الزيادة فيه ، وفرية النقص منه ، ويقطع دابرهما.
ـ ويؤخذ من جملة الأدلة أنه لا سبيل أصلا إلى القطع بنموذج لقرآن منسوخ التلاوة ، لأنه لا تدعى قرآنيته اليوم ، ولا يدل دليل قطعى على أنه كان متواترا ، فكيف يقال إنه كان قرآنا؟! ، أو يجب الإيمان بأنه كان قرآنا؟!. هكذا يقال فى كل نموذج على حدته.
ـ أما إذا بلغ عدد النماذج إلى ما يفيد التواتر المعنوى فإنه يفيد القطع ـ فى الجملة ـ بأن من القرآن ما نسخت تلاوته.
وأما إذا ثبت نموذج ثبوتا ظنيا ، وأفاد هذا النموذج حكما عمليا فإن الأخذ به يصح عند الجمهور ، شأنه شأن العمل بالقراءة الشاذة (٥٢).
هل قرئ بالشاذ على أنه قرآن؟
لم يقرأ بالشاذ ـ بحال ـ على أنه قرآن.
هذا هو حال أهل الحق. والشاذ آحادي ـ قطعا ، والقرآن متواتر ـ قطعا ـ فكيف يلتقيان؟!
ومن انحرف عن حال أهل الحق فقد أدبوه ، واستتابوه ، فتاب ، وأناب (٥٣).
القرآن والقراءات :
إذا قرأت القرآن ثلاث مرات ـ مثلا ـ بثلاث قراءات ، لأبى جعفر ، ويعقوب ، وخلف