الحرام ، حيث قال تعالى : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ) (٢٨).
النوع الثانى : ما كان الوحى فيه إلقاء فى القلب يقظة ، بالإلهام الذى يقذفه الله تعالى فى قلب مصطفاه ، على وجه من العلم الضرورى الذى لا يستطيع له دفعا ولا يجد فيه شكا ولا إشكالا ، ومن هذا النوع : ما رواه أبو نعيم عن أبى أمامة والحاكم وصححه عن ابن مسعود عن النبى صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إن روح القدس نفث فى روعى : أنه لن تموت نفس حتى تستوفى رزقها» (٢٩).
النوع الثالث : ما كان الإيحاء فيه يقظة من غير طريق الإلهام. وذلك كإيحاء الزبور لنبى الله داود ـ عليهالسلام ـ فقد روى عن مجاهد رضي الله عنه أن الزبور أوحى إليه فى صدره إلقاء فى اليقظة وليس بإلهام ، والفرق فى ذلك : أن الإلهام لا يستدعى صورة كلام نفسى حتما فقد وقد ، وأما اللفظى : فلا.
وأما إيحاء الزبور فإنه يستدعيه (٣٠).
النوع الرابع : ما كان الوحى فيه بالتكليم مشافهة ومكافحة عيانا بغير حجاب ولا واسطة ، كما وقع لنبينا صلىاللهعليهوسلم ليلة المعراج ، فقد استشهد الأئمة من المفسرين لرؤية النبى صلىاللهعليهوسلم ربه عند تفسير قوله تعالى :
(وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى) (٣١) بما فى حديث أنس عند البخارى من قوله : «... ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى ، ودنا الجبّار رب العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى فأوحى إليه فيما أوحى خمسين صلاة ....». (٣٢)
ومناط هذا الاستدلال : إرجاع الضمائر فى :
(ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى (٨) فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (٩) فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى) وكذا الضمير المنصوب فى (وَلَقَدْ رَآهُ) لله تعالى ، ومن ثم يتقرر ثبوت الوحى المباشر مع الرؤية عيانا وهو أرفع أنواع الوحى.
النوع الخامس : ما كان الوحى فيه من وراء حجاب ، بغير واسطة ولكن لا بالمشافهة ، بأن يسمع كلاما من الله من غير رؤية السامع من يكلمه ، كما سمع سيدنا موسى ـ عليهالسلام ـ من الشجرة ، ومن الفضاء فى جبل الطور ، قال تعالى : (فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٣٣) وليس المراد بالحجاب فى قوله تعالى : (أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) : حجاب الله تعالى عن عبده حسّا ، إذ لا حجاب بينه وبين خلقه حسا ، وإنما المراد : المنع من رؤية الذات الأقدس بلا واسطة (٣٤).
النوع السادس : هو ما كان الوحى فيه