(هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) وهذا ملمح دقيق لطيف كما ترى.
ومن الإيضاح فى القرآن الكريم قوله تعالى :
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١٠).
هذا خطاب من الله لليهود وقت كان القرآن ينزل. وهو وقت خلا من أنبياء الله عزوجل إلا محمدا صلىاللهعليهوسلم.
كما أن اليهود الذين خاطبهم القرآن فى عصر النزول لم يقتلوا نبيا ، وإنما الذى قتل الأنبياء هم آباؤهم الأقدمون.
لذلك كان فى قوله تعالى :
(فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ) إشكال ، حاصله أن اليهود فى عصر الرسالة المحمدية لم يكن منهم قتل للأنبياء وإن كان منهم كفر برسالة خاتم النبيين صلىاللهعليهوسلم.
ولكن لما قال الله عقب هذا (مِنْ قَبْلُ) زال الإشكال واستقام التاريخ على سوقه وظهر أن الذى كان يقتل الأنبياء هم يهود الأمس لا يهود عصر نزول القرآن. وإنما واجه الله بهذه الجريمة غير فاعليها المباشرين ، وهم يهود عصر الرسالة المحمدية ، لأنهم راضون بما فعل أسلافهم ، فصاروا مثلهم فى اقتراف هذه الجريمة النكراء.
ومن الإيضاح فى القرآن الكريم قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (١١).
لأن فى قوله تعالى (وَأُولِي الْأَمْرِ) إشكالا ، لأنه يشمل كل ولاة الأمر ، وإن كانوا من غير المؤمنين. وهذا لم يؤذن به فى الإسلام. فلما قال عزوجل (مِنْكُمْ) ارتفع الإشكال ، وحصرت ولاية الأمر فى المؤمنين دون غيرهم من أولياء الأمر والسلاطين.
إذن معنى قوله (مِنْكُمْ) إيضاح كاشف لحقيقة المراد.
أ. د. عبد العظيم إبراهيم المطعنى
المصادر والمراجع :
__________________
(١) اللسان ومعاجم اللغة ، مادة : وضح.
(٢) بديع القرآن (٢٥٩) وتحرير التحبير (٥٥٩).
(٣) المصباح (٩)
(٤) نهاية الأرب (٧ / ١١٩).
(٥) الطراز (٣ / ١٠١).
(٦) خزانة الأدب (٢ / ٣٨٣).
(٧) شرح عقود الجمان (١٤٠).
(٨) أنوار الربيع (٦ / ٣١).
(٩) البقرة (٢٥).
(١٠) البقرة (٩١).
(١١) النساء (٥٩).