والمحادة ، جاءت الآية مناقضة لغرضهم ، فكأنه قال : لا حلال إلا ما حرمتموه ، ولا حرام إلا ما أحللتموه ، نازلا منزلة من يقول :
لا تأكل اليوم حلاوة ، فتقول لا آكل اليوم إلا الحلاوة ، والغرض المضادة ، لا النفى والإثبات على الحقيقة ، فكأنه قال : لا حرام إلا ما حللتموه من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به ، ولم يقصد حل ما وراءه ، إذ القصد إثبات التحريم لا إثبات الحل.
قال إمام الحرمين : و «هذا فى غاية الحسن ، ولو لا سبق الشافعى إلى ذلك لما كنا نستجيز مخالفة مالك فى حصر المحرمات فيما ذكر فى الآية» أ. ه. ما قاله الزركشى (٤٧).
قلت : وهذا يتوقف على ورود سبب صحيح فى نزول الآية ، يقضى بأن الكفار أحلوا ما حرمته تلك الآية فجاءت الآية ردا عليهم ، ولكن الزركشى لم يورد مثل هذا السبب صريحا ، كما أن السيوطى فى نقله ذلك عنه لم يصرح بهذا السبب كذلك ، بل نقل عبارة الزركشى بنصها كما ذكرها صاحبها فى البرهان.