معان أخرى غير ما يكون بين الزوج وزوجته.
والكناية هنا عن موصوف هو مباضعة النساء ، أو النكاح وقد جاء التعبير عنه ب «النكاح» عشرات المرات فى القرآن الكريم ، والنكاح معناه أعم من مباضعة النساء فى أصل اللغة ؛ لأن معناه العام هو : الضم وهو معنى عفيف لا ابتذال فيه ولا استقباح.
وقد يستعمل «النكاح» كناية عن مجرد «عقد الزواج» وإن لم يصاحبه دخول بالمعقود عليها. ومن ذلك قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ) (٥).
وإطلاق النكاح على مجرد العقد نادر وروده فى القرآن الكريم.
أما وروده بمعنى مباضعة النساء فكثير كثير ، ومنه قوله تعالى :
(فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) (٦).
المراد من النكاح فى الآية هو «الوطء الفعلى» وليس مجرد العقد عليها ، وهذا موضع إجماع بين الفقهاء إلا من لا يعتد بقوله.
كما كنى القرآن عن مباضعة النساء بالمس والملامسة وهما لفظان لا ابتذال فيهما ولا فحش ولا إثارة ومثال «المس» آية الأحزاب المذكورة آنفا ، وهى :
(مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَ)
أما الملامسة فمثالها قوله تعالى :
(أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) (٧)
كما كنى عن المباضعة بالتغشية فى قوله تعالى :
(فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً ..) (٨)
والتغشى لفظ عفيف مهذب ، وقد أدى معناه الكنائى هنا دون أن يخدش حياء ، أو يثير غريزة ومما شاع استعماله فى كنايات القرآن عن العلاقات الزوجية لفظ «المباشرة» مكنيا به عن اتصال الزوج بزوجته. قال عزوجل :
(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ