على أن المحو والإثبات فى الآية يتناول كل ما من شأنه أن يمحى ، وكل ما من شأنه أن يثبت ؛ فيدخل فيها نسخ الأحكام الجزئية فى شريعتنا بمقتضى هذا العموم.
لهذا جعلها كثير من العلماء من أدلة الجواز.
(٤) [امور لا بدّ منه فى تحقيق النسخ]
(ولعلك تدرك مما سبق أنه لا بدّ فى تحقيق النسخ من أمور أربعة :
أولها : أن يكون المنسوخ حكما شرعيا.
ثانيها : أن يكون دليل رفع الحكم دليلا شرعيا.
ثالثها : أن يكون هذا الدليل الرافع متراخيا عن دليل الحكم الأول غير متصل به ، كاتصال القيد بالمقيد والتأقيت بالمؤقت.
رابعها : أن يكون بين ذينك الدليلين تعارض حقيقى.
تلك أربعة لا بدّ منها لتحقق النسخ باتفاق جمهرة الباحثين ، وثمة شروط اختلفوا فى شرطيتها : منها أن يكون ناسخ القرآن قرآنا وناسخ السنة سنة ، ومنها كون النسخ مشتملا على بدل للحكم المنسوخ ، ومنها كون الناسخ مقابلا للمنسوخ مقابلة الأمر للنهى والمضيّق للموسّع ، ومنها كون الناسخ والمنسوخ نصين قاطعين ، إلى غير ذلك مما يطول شرحه) (٤) أه.
(٥) [موقع النسخ]
ولا يقع النسخ إلا فى الأحكام الشرعية العملية الثابتة بالنص غير المؤقتة بوقت ؛ لأنها تنتهى بوقتها المحدد لها ، ولا فى الأحكام المنصوص على تأبيدها ؛ لأن النسخ فيها يتناقض مع التأبيد بشرط أن يكون التأبيد منصوصا عليه.
ولا يلحق القواعد الكلية التى تندرج تحتها الفروع الجزئية ؛ لأن هذه القواعد مقاييس تبنى عليها الأحكام.
ولا نسخ فى الأمور الاعتقادية المتعلقة بذات الله ـ تعالى ـ وصفاته وكتبه ورسله واليوم الآخر.
ولا نسخ فى الأصول الأخلاقية ؛ لأنها من الأمور المتفق عليها فى الشرائع السماوية.
ولا نسخ فى أصول العبادات والمعاملات ؛ لأن الشرائع كلها لا تخلو منها وهى متفقة فيها.
ولا يدخل النسخ الخبر الصريح الذى ليس بمعنى الطلب ، كالقصص والوعد والوعيد.
(٦) [طرق معرفة الناسخ والمنسوخ]
والطرق التى يعرف بها الناسخ والمنسوخ كثيرة ، ينبغى أن نعلم قبل أن نذكرها إجمالا أن النسخ يتضمن رفع حكم تقرر من جهة