أوس بن الصامت ظاهر من زوجته خولة بنت حكيم بن ثعلبة ، والحكم الذى تضمنته هذه الآيات خاص بهما وحدهما ـ على هذا الرأى ـ أما غيرهما فيعلم بدليل آخر : قياسا أو سواه ، وبدهى أنه لا يمكن معرفة المقصود بالحكم ، ولا القياس عليه إلا إذا علم السبب ، وبدون معرفة السبب تصير الآية معطلة خالية عن الفائدة» (٧٩).
والحق أن الشيخ رحمهالله تعالى قد أسرف فى هذا الحكم ، كما أن المثال الذى ساقه لا يساعده فى تقرير ما ذهب إليه ، لأنه كما سبق مرارا : الحكم فى الآية منوط بأمر معين ، إذا وقع هذا الأمر طبق الحكم ، وذلك فى الجميع (صورة السبب وغيرها) إلا أنه فى صورة السبب بالنص ، وفى غيرها بالقياس ، وما دام الأمر كذلك فمن التجاوز القول بإهمال العمل بحكم الآية ، لأن ما يجرى الحكم فيه نصا لم يتميز عما يجرى الحكم فيه قياسا ، ما دام الاتفاق على ثبوت الحكم فى الجميع بدليل شرعى هو : النص أو القياس.
وبعبارة أخرى : فبالنسبة للمثال الذى ساقه الشيخ (٨٠) : هل من المقبول : القول بإهمال العمل بما تضمنته الآية من حكم الظهار ، وما جاء فيها من وصفه بأنه منكر من القول وزور ، وما ينبغى على المظاهر من الكفارة المبينة قبل أن يمس امرأته .. إلى آخر ما فى الآية. أقول : هل من المقبول إهمال العمل بهذا الحكم رأسا إذا لم نعرف أن من نزلت فيه هذه الآية اسمه أوس بن الصامت ، وأن زوجته اسمها خولة بنت ثعلبة ، مع أن الحكم فى الآية ليس منوطا بمعرفة من نزلت فيه ، بل بمن يظاهر من زوجته بالصيغة المعروفة.
وهل من المعقول كذلك : أن نهمل مثلا العمل بحكم اللعان الوارد فى قول الله سبحانه : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦) وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٧) وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (٨) وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) النور / ٦ ـ ٩ ، ما لم نعرف أن من نزلت فيه الآيات اسمه هلال بن أمية ، أو عويمر العجلانى ، أو هما معا كما سبق ..
اللهم لا.
لكن .. لعله يكون لما قاله الشيخ الزرقانى ، ومن قال برأيه وجه فيما قدمناه عند الكلام عن فوائد معرفة أسباب النزول من أنه : قد يتوقف فهم الآية ذاتها على معرفة سبب