فاعليات ذاتية ، تحرضه على التحلى بمكارم الأخلاق ، وسلوك السبيل الأقوم فى الحياة.
٢ ـ طريق الإقناع الفكرى :
ويكون الإقناع الفكرى عن طريق التعليم المباشر أو غير المباشر ، أو عن طريق الجدال بالتى هى أحسن.
فمن شأن المعرفة التى تدرك بها الفضائل والرذائل ، وتعلم بها آثارها المحمودة والمذمومة ، وثمراتها العاجلة والآجلة ، أن تولد الحافز الذاتى على التطبيق ، لا سيما إذا كان مضمون المعرفة يتعلق بما ينفع الإنسان أو يضره ، كقضايا السلوك الإنسانى.
فمعرفة الفضائل الأخلاقية معرفة صحيحة لا بدّ أن تبرز ما فيها من كمال وجمال ، ولا بدّ أن تورث اليقين بفوائدها وثمراتها الطيبات وخيراتها الحسان المادية والمعنوية ، الدنيوية والأخروية ، وذلك يولد فى النفس استحسانها ، ثم الرغبة الصادقة بالتحلى بها ، ومع هذه الرغبة الصادقة تكون النفس طيّعة للتخلق بالخلق الكريم المنشود.
ومعرفة الرذائل والنقائص الأخلاقية معرفة صحيحة لا بدّ أن تبرز ما فيها من نقص وقبح ، ولا بدّ أن تورث اليقين بمضارها ونتائجها السيئة ، وذلك يولد فى النفس استقباحها والنفور منها ، ثم الرغبة الصادقة باجتنابها ، ومع هذه الرغبة الصادقة تكون النفس طيّعة للكف عنها ، والتخلق بالخلق الكريم المضاد لها.
وللإقناع الفكرى شروط من شأن الأخذ بها تخفيف العقبات النفسية ، التى قد تقف دون بلوغ القناعة الحقيقية إلى داخل النفس.
ويمكن تلخيص أهم هذه الشروط بما لخصها به القرآن الكريم من الحكمة ، والموعظة الحسنة ، والجدال بالتى هى أحسن.
كما يعلم ذلك من قوله تعالى : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (النحل : ١٢٥).
ويندرج فى الحكمة كل الأساليب الفكرية المنطقية الهادئة السليمة ، التى من شأنها أن توصل الحقيقة إلى موقع القناعة فى النفس.
وللناس مستويات فكرية وعلمية ، وعلى من يريد الإقناع بحقيقة من الحقائق أن يخاطب كل فريق من الناس بما يناسب مستواه الفكرى والنفسى.
ويندرج فى الموعظة الحسنة كل الأساليب التى تؤثر فى النفس الإنسانية ، والتى من شأنها أن توجه عوامل الأنفس فى جهة الاقتناع بالحقيقة.
والإقناع الفكرى من أول الطرائق التى سلكها القرآن وسلكها الرسول صلوات الله عليه فى معظم الحقائق التى اشتمل عليها الإسلام ، ومنها موضوعات الأخلاق.