وهذا النوع لا يجوز ، فهو مستحيل عادة وشرعا.
أما كونها مستحيلة عادة ؛ فلأنه لا بدّ وأن يتحقق منها الوفاء بجميع معانى القرآن الأولية والثانوية ، وبجميع مقاصده وهذا مستحيل عادة.
ولأن الترجمة بهذا المعنى مثل للقرآن ، ومثله مستحيل كما نعلم من آيات التحدى.
وأما كونها مستحيلة شرعا ؛ فلأن طلب المستحيل العادى حرمه الإسلام ؛ لأنه ضرب من العبث وتضييع للوقت والمجهود فى غير طائل ، ولأن محاولة هذه الترجمة فيها ادعاء عمل لإمكان وجود مثل للقرآن وهو تكذيب شنيع لصريح الآية : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (٢٤).
وأن طلب محاولة هذا النوع فيه تشجيع للناس على انصرافهم عن القرآن والتماس بدل أو أبدال يزعمونها ترجمات له ، مع ما يترتب على ذلك من مخاطر شرعية واجتماعية ولغوية.
هذه هى المعانى الأربعة التى يدور حولها معنى لفظ الترجمة لغة أو عرفا.
أما لو نظرنا إلى تقسيم الترجمة إلى حرفية وتفسيرية أو معنوية ، فنرى أن الترجمة الحرفية مستحيلة عادة وشرعا ؛ لأن زاعمها يكون آتيا ببدل أو مثل القرآن وهو مستحيل لا يجوز بحال.
وأما الترجمة التفسيرية أو المعنوية ، وهى التى يقوم فيها المترجم بترجمة تفسير معين للقرآن الكريم مع ملاحظة شروط الترجمة وشروط التفسير فهى جائزة عادة وشرعا ، وعلى ذلك فهى لا تسمى ترجمة للقرآن بل تسمى ترجمة تفسير القرآن أو ترجمة معانى تفسير القرآن الكريم.
تتمة : لو نظرنا إلى معانى القرآن الكريم بنوعيها : المعنى الأصلى الأولى ، والمعنى الثانوى التابع لوجدنا أن ترجمة القرآن بمعنييه هذين ـ معا ـ مستحيلة ـ أيضا ـ لأن المعانى الثانوية والتابعة هى مظهر إعجاز القرآن ، وهى المتحدى بها ، ولا يحيط بها لسان عربى فضلا عن لسان أجنبى.
أما ترجمة المعنى الأصلى والأولى فقط فهذا جائز وميسور فى أغلب الأحيان ، خلافا للمعنى الثانوى فهو غير مستطاع بحال من الأحوال.
هيئة التحرير