ومنها : آية النفر ، وهي قوله سبحانه وتعالى : (فلو لا نفر من كلّ فرقة مّنهم طآئفة لّيتفقّهوا فى الدّين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلّهم يحذرون) (١).
وتقريب الاستدلال بها يتمّ من خلال الامور التالية :
أوّلا : انها تدلّ على وجوب التحذّر لوجوه :
احدها : أنّه (٢) وقع مدخولا لاداة الترجّي الدالة على المطلوبية في مثل المقام ، ومطلوبية التحذّر مساوقة لوجوبه ، لان الحذر ان كان له مبرّر فهو واجب (٣) ، وإلّا لم يكن مطلوبا.
ثانيها : ان التحذّر وقع غاية للنفر الواجب ، وغاية الواجب واجبة (٤).
ثالثها : انه بدون افتراض وجوب التحذّر يصبح الامر بالنفر (٥)
__________________
(١) سورة التوبة ـ آية ١٢٢
(٢) اي انّ الحذر وقع مدخولا ل «لعل» الدّالة على المطلوبية في مثل المقام ، وذلك لكون النفر للتفقّه والتعليم مطلوبا عقلا وشرعا ، لا انه مخاف من وقوعه ـ مثلا ـ كما سيأتي.
(٣) ولو عقلا بناء على مسلك حقّ الطاعة او لزوم دفع الضرر المحتمل او لزوم الاحتياط عقلا في الشبهات الحكمية قبل الفحص للعلم الاجمالي بوجود تكاليف الزامية في الشريعة ، والواجب عقلا واجب شرعا لكون الشارع رئيس العقلاء ، فان القاطع يستكشف من خلال قطعه رأي الشارع المقدّس في المسألة.
(٤) فقول المولى «اذهب الى المعلم لتدرس» اذا كان الذهاب للدرس واجبا فنفس الدرس واجب بلا شك.
(٥) اي يصبح الامر بالنفر للانذار لغوا ـ لا الامر بالنفر لتفقيه النفس ـ وذلك لان