ثالثا : ان وجوب التحذّر حتى مع عدم حصول العلم لدى السامع مساوق للحجية شرعا ، إذ لو لم يكن إخبار المنذر حجة شرعا لما وجب العمل به إلا في حال حصول العلم منه.
وقد يناقش في الامر الاوّل بوجوهه الثلاثة وذلك :
ـ بالاعتراض على أوّل تلك الوجوه بأن الاداة مفادها وقوع مدخولها موقع الترقّب لا الترجّي ، ولذا قد يكون مدخولها مرغوبا عنه كما في قوله (١) : «لعلّك عن بابك طردتني» (٢) ،
ـ والاعتراض على ثاني تلك الوجوه بان غاية الواجب ليست دائما واجبة (*) وان كانت محبوبة حتما ، ولكن ليس من الضروري ان يتصدّى
__________________
(١) أي كما في قول الامام زين العابدين عليهالسلام في دعاء ابي حمزة الثمالي.
(٢) فهنا كأن المتكلّم لكثرة ذنوبه ـ وحاشا للامام عليهالسلام ذلك إنما هو للتعليم او انه يرى نفسه مقصّرا امام الله تبارك وتعالى في نيل الكمالات لا في الالزاميات رغم اننا نعلم ان طاعة الامام لله تعالى فوق ما نتصوّر ـ كأنّه يحتمل ويترقّب ان يطرده الله عزوجل عن بابه. فقول المصنف رحمهالله هنا «الترقّب» يقصد به الاحتمال المتوقّع ـ في مقابل الاحتمال البعيد ـ فمعنى «لعلهم يحذرون» يترقّب حذرهم ويحتمل احتمالا قريبا ، وهذا
__________________
(*) افاد بعض الافاضل هنا ان المولى تعالى اذا أمر بأمر وذكر غايته فانه لا محالة ستكون هذه الغاية واجبة لانها هي المنشأ لهذا الحكم ، وعليه فتكون الغاية واجبة ولو بأدنى مراتبها ، ولو كانت المشقّة ونحوها تمنع من تحقق المرتبة الدنيا من الغاية فان المولى تعالى لن يوجب الطريق حينئذ. (وكلامه) حفظه الله جيد.