اراد تقييد الحكم في الجعل الثاني بالعلم بفعلية المجعول في الجعل الاوّل المهمل (١) فهذا غير معقول ، لانه يفترض ان فعلية المجعول بالجعل الثاني فرع العلم بفعلية المجعول بالجعل الاوّل المهمل (٢) ، وحينئذ نتساءل ان المجعول بالجعل المهمل (٣) هل ترتبط فعليّته بالعلم به او لا؟ فعلى الاوّل يعود المحذور وهو توقف الشيء على العلم به (٤) ، وعلى الثاني يلزم الخلف وان (٥) يكون الجعل المهمل الذي لا اطلاق فيه
__________________
بخصوص العالم فانه يتمّمه بجعل آخر فيقول «إن علم المكلف بان التقصير هو حكم المسافر فقد صار الحكم عليه فعليا» فانّ هذه الطريقة هي تطويل للمسافة بلا داعي
(١) وذلك بأن يقال بان الجعل الاوّل مفاده «يجب القصر في الصلاة على المسافر» ، ومفاد الجعل الثاني هو «اذا علم المكلف بفعليته حكم القصر على المسافر فقد صار عليه فعليا» ، هذا الجعل الثاني غير معقول فاننا ـ اضافة الى الدور الواضح فيه لتوقف الحكم على العلم به وتوقف العلم على الحكم ـ ننظر الى الجعل الاوّل ونتساءل : هل هو مقيد بالعلم بالحكم او لا؟ فان قيل نعم فهو الدور ، وإن قيل لا ـ بمعنى يجب القصر على المسافر ـ فهو الاطلاق ، وهو خلف فرض الاهمال ، فتأمّل.
(٢) وهذا واضح ، وذلك لتفرّع الحكم على موضوعه.
(٣) أي الاوّل ، وهو غير المقيّد ، وهو قول الشارع مثلا «تجب صلاة القصر على المسافر».
(٤) وهو توقّف الحكم الفعلي الاوّل (المهمل) على العلم بفعليّته وهذا العلم يتوقّف على وجود الحكم الفعلي قبل ذلك وهو دور.
(٥) هذا العطف تفسيري ، ولذلك يمكن لك استبدال هذه الكلمة بقولك «وذلك بأن ...». وعلى ايّ حال فمراده من الثاني هو انه إن لم يكن