وقد يناقش في الامر الثاني (١) ـ بعد تسليم الاوّل ـ بانّ الآية الكريمة لا تدل على اطلاق وجوب التحذّر لحالة عدم علم السامع بصدق المنذر (*) وذلك لوجهين :
احدهما : ان الآية لم تسق من حيث الاساس لافادة وجوب التحذّر
__________________
(١) وهو قوله «ان وجوب التحذّر ثابت مطلقا».
__________________
(*) اذا كانت الآية لا تدل على وجوب التحذّر مطلقا الّا ان العقل يدلّ عليه لما ذكرناه سابقا ، وزبدة الردّ على من استدلّ بهذه الآية المباركة على حجية خبر العادل هو ان هذه الآية مسوقة لافادة معنى لزوم التفقه لانذار الناس وتعليمهم ، هذا الانذار لازم وضروري لاحتمال ان يترتّب عليه علم منه او احتمال منجّز للتكليف عقلا ـ لا لحجية خبر الواحد. وذلك كما هو معلوم للعلم الاجمالي بوجود تكاليف الزامية في الشريعة المقدّسة مع كون الشاك لم يفحص في الادلة لانّ الفرض ان المنذر عامّي ، فيجب ح التحذر على ايّ واحد من احتمالي حصول علم عند المنذر او حصول احتمال منجّز ، فلا يستفاد ح من قوله تعالى «لعلهم يحذرون» وجوب الحذر عليهم بسبب حجية خبر الثقة ، (نعم) يحتمل قويا استلزام الامر بالنفر على نحو الكفاية لاعتبار قول المنذر الثقة حجّة ـ على ما ذكرنا سابقا ـ وإلّا لكان الانسب ان يؤمر الجميع بالتفقّه ولو بنحو التدريج ، وذلك لكون ترتب العلم على اقوالهم ليس دائميا وكون الاحتياط كثيرا ما يوقع في الحرج والمشقة ـ (لكن) لم يصل هذا الدليل عندنا الى مرتبة يحصل منه علم أو اطمئنان لوجود نظر في بعض جوانبه يعرف بالتأمّل (من قبيل أنّ ترتّب العلم من اخبار المبلّغين الثقات شبه دائمي الّا اذا حصل تعارض بينه وبين غيره ، يعرف هذا الامر من يبلغ الناس).