والطريق الآخر لاثبات السّنّة (١) هو السيرة وذلك بتقريبين :
الاوّل : الاستدلال بسيرة المتشرّعة من اصحاب الأئمة على العمل باخبار الثقات ، وقد تقدّم في الحلقة السابقة بيان الطريق (٢) لاثبات هذه السيرة ، كما تقدّم كيفية استكشاف الدليل الشرعي عن طريق السيرة سواء كانت سيرة اولئك المتشرّعة على ما ذكرناه بوصفهم الشرعي او بما هم عقلاء.
الثاني : الاستدلال بسيرة العقلاء على التعويل على اخبار الثقات ، وذلك ان شأن العقلاء ـ سواء في مجال اغراضهم الشخصية التكوينية او في مجال الاغراض التشريعية وعلاقات الآمرين بالمأمورين ـ العمل بخبر الثقة والاعتماد عليه ، وهذا الشأن العام للعقلاء يوجب قريحة وعادة لو ترك العقلاء على سجيّتهم لأعملوها في علاقاتهم مع الشارع ولعوّلوا على اخبار الثقات في تعيين احكامه ، وفي حالة من هذا القبيل لو ان الشارع كان لا يقرّ حجية خبر الثقة لتعيّن عليه الردع عنها حفاظا على غرضه ، فعدم الردع حينئذ معناه التقرير ومؤدّاه الامضاء.
__________________
(١) قال «لاثبات السّنّة» ولم يقل «لاثبات حجية خبر الواحد» لسببين :
الاوّل انه قال سابقا ص ٢٧ «وامّا السّنّة فهناك طريقان لاثباتها : احدهما الاخبار الدالة على الحجية» وهنا قال «والطريق الآخر لاثباتها هو السيرة» ، والثاني وهو السبب الاصلي ان السيرة إن ثبتت فانما تكشف عن اقوال وأفعال المعصومين عليهمالسلام ، واقوالهم وافعالهم هي سنّة كما تعلم
(٢) وهي خمس طرق ذكرها مفصّلا فراجعها في بحث «الاحراز الوجداني للدليل الشرعي غير اللفظي».