ولا شك في ان ادلّة حجية خبر الثقة والعادل لا تشمل الخبر الحدسي المبني على النظر والاستنباط (١) ، وانما تختصّ بالخبر
__________________
(١) سواء في ذلك آية النبأ أو الروايات أو السيرة ، (أمّا) آية النبأ فان كلمة نبأ فيها وان كانت مطلقة بالنظرة البدوية من قيد «حسّي» الّا ان التعليل
__________________
«العمري وابنه ثقتان ، فما أدّيا اليك عني فعني يؤدّيان ، وما قالا لك عني فعني يقولان ، فاسمع لهما واطعهما ، فانهما الثقتان المأمونان» بدليل التفريع بالفاء الواضحة في كون السابق علّة للاحق كقولنا «اتّصل هذا الماء القليل بالماء المعتصم فاعتصم» وليس خبرا محضا والّا لما صحّ التفريع بالفاء ، فلو كان الامام عليهالسلام يريد محض الاخبار عن كونهما لا يكذبان وان ما ادّيا عنه عليهالسلام فعنه يؤدّيان لقال مثلا «العمري وابنه ثقتان لا يكذبان وما يؤدّياه عني فعني يؤدّيان ... الخ» ، ولكنه عليهالسلام أتى بحرف الفاء الصريحة في معنى تفريع المعلول عن العلّة في هكذا سياقات (اضافة) الى ما رأيته من الروايات من انّها تقيد حجية خبر الثقة بنحو الموضوعية (اي ان خبر الثقة هو الموضوع للحجية وإن لم يحصل منه وثوق).
والنتيجة أن خبر الثقة لا يسقط عن الحجية اذا وجدت امارة ظنيّة نوعية على خطئه وهو المذهب المعروف بين اصحابنا ، وكذلك الامر بالنسبة الى خبر غير الثقة فانه لا يرتفع الى مستوى الحجية اذا توفّرت امارة من هذا القبيل تقيدنا الظن بصدقه ، وذلك لعدم وجود دليل على ذلك بعد فرض عدم حصول اطمئنان بقوله ، امّا من تعدّد الروايات الضعيفة فعدم حجيته واضح ، وامّا من وجود شهرة فقد يدّعى انها تجبر ضعف السند ، ولكن التحقيق عدم صحّة هذا الكلام أيضا لعدم الدليل عليه ، وقد بيّنا هذا الامر اجمالا في بحث الاجماع ص ٣٤٨ ، النقطة الاولى من الشرح والتعليق عليه ، فراجع ، وهنا نضيف ان هذه المقبولة واردة في مقام فصل الخصومات الذي يختلف في اكثر من جهة عن مقام الافتاء ، (اضافة) الى قوله عليهالسلام فيها «فان المجمع عليه لا ريب فيه ، وانما الامور ثلاثة : امر بيّن لك رشده فيتّبع.» واضح في ارادة افادة حصول الوثوق في هكذا